ولا يصلح المرء للرقابة على غيره الا اذا كان الرقيب أفضل من غيره ، لان في الرقابة معنى من الولاية ، وحق الفاضل أن يتولى المفضول ، ولذلك كان الرسول عليه الصلاة والسلام أحق الافراد بالشهادة على أتباعه ، وفي هذا يقول القرآن المجيد في سورة المزمل :
«إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ»(١).
ويقول في سورة المائدة على لسان عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام :
«وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ»(٢).
ويقول القرآن الكريم في سورة البقرة :
«وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً»(٣).
وخلاصة المعنى في ذلك كما تحدث تفسير المنار أن الله جعلهم أمة ذات عدل وتوسط ، لأن الزيادة على المطلوب في الامر افراط ، ولأن النقص عنه تقصير وتفريط ، وكل من الافراط والتفريط ميل عن الصراط المستقيم ، فالخيار هو الوسط بين طرفي الامر ، أي المتوسط بينهما.
وانما جعلكم كذلك لتكونوا شهداء بالحق على الناس بما فرّطوا في جنب الدين أو أفرطوا فيه ، فأنتم تشهدون على الذين فرطوا فأنكروا
__________________
(١) سورة المزمل ، الآية ١٥.
(٢) سورة المائدة ، الآية ١١٧.
(٣) سورة البقرة ، الآية ١٤٣.