ثم علق الامام على قوله تعالى : «ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ» بقوله : أي لترونّها رؤية هي اليقين نفسه ، وعلم العيان والمشاهدة من أفراد اليقين ، يسمى عين اليقين ، لأنه هو الذي تنتهي اليه جميع العلوم اليقينية ، لأن العلم البرهاني ان لم ينته الى علم عياني لا يعد يقينا ، فالعياني هو ذات اليقين ، وبقية العلوم تضاف اليه متى استوفت شرائطها».
والامام قد ربط بين اليقين العلمي واليقين الاخلاقي ، حينما قرر أن علم اليقين هو الذي يصلح النفس ويصونها من الانحراف ، فهو الذي ينهى النفس عن التكاثر الباطل الزائل ، وهو الذي يدفع الى السعي فيما تصلح به الظواهر وتتطهر السرائر.
* * *
وفي حديث القرآن الكريم عن اليقين عدة ظواهر ، منها ما ربط بين اليقين ومشاهد الكون ، أو بين اليقين والتدبر والنظر في ملكون السموات والارض ، وفي الدلائل والآيات. يقول القرآن في سورة الرعد :
«اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ، ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ، وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ، كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ، يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ، يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ»(١).
ويقول في سورة الجاثية :
«وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ»(٢).
__________________
(١) سورة الرعد ، الآية ٢.
(٢) سورة الجاثية ، الآية ٤.