نعيم ـ لا يخاف في الله لومة لائم ، مقوالا بالحق لا يخاف سطوة العظائم. وكان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من طلائع فضائله ، حتى يروى أنه قال :
رأيت (في النوم) كأن ملكين عرجا بي ، وأوقفاني بين يدي رب العزة ، فقال لي : أنت عبدي عبد الرحمن الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. فقلت : بعزتك ربي ، أي رب أنت أعلم. فهبطا بي حتى رداني الى مكاني.
كما يروى أنه قال : رأيت ربّ العزة في المنام ، فقال لي : يا عبد الرحمن ، أنت الذي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. قلت : بفضلك يا رب ، يا رب أمتني على الاسلام. فقال : وعلى السنة (١).
* * *
وأما أبو جعفر المنصور فهو عبد الله بن محمد بن علي بن العباس ، ثاني خلفاء العباسيين ، ولد سنة خمس وتسعين في بلدة «الحميمة» ، وكان محبا للعلوم والآداب ، حفيّا بالعلماء مقربا لهم ، تولى الخلافة سنة ست وثلاثين ومائة ، وهو الذي بنى مدينة بغداد وغيرها من المدن ، وكان كثير التفكير والجد ، وكان بليغا في كتابته ، ويؤخذ عليه أنه أكثر من قتل أعدائه حتى استقر له ملكه ، وتوفي سنة ثمان وخمسين ومائة.
وهذا هو نص العظة :
«عن الاوزاعي عبد الرحمن بن عمرو قال :
بعث اليّ أبو جعفر المنصور أمير المؤمنين وأنا بالساحل ، فأتيته ، فلما وصلت اليه وسلمت عليه بالخلافة ، ردّ عليّ واستجلسني ، ثم قال لي :
__________________
(١) حلية الاولياء ، ج ٦ ص ١٤٢ و ١٤٣.