ما الذي أبطأ بك عنا يا أوزاعي؟.
قلت : وما الذي تريد مني يا أمير المؤمنين؟.
قال : أريد الاخذ عنكم ، والاقتباس منكم.
قلت : فانظر يا أمير المؤمنين أن لا تجهل شيئا مما أقول لك.
قال : وكيف أجهله وأنا أسألك عنه ، وفيه وجهت اليك ، وأقدمتك له؟.
قلت : أخاف أن تسمعه ثم لا تعمل به.
فصاح بي الربيع (١) ، وأهوى بيده الى السيف.
فانتهره المنصور وقال : هذا مجلس مثوبة ، لا مجلس عقوبة.
فطابت نفسي ، وانبسطت في الكلام ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، حدثني مكحول (٢) عن عطية بن بشر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أيما عبد جاءته موعظة من الله في دينه فانها نعمة من الله سيقت اليه ، فان قبلها بشكر ، والا كانت حجة من الله عليه ، ليزداد بها اثما ، ويزداد الله بها سخطا عليه» (٣).
يا أمير المؤمنين ، حدثني مكحول عن عطية بن ياسر قال : قال رسول
__________________
(١) الربيع بن يونس بن محمد بن أبي فروة كيسان ، اتخذه أبو جعفر المنصور حاجبا له ثم استوزره ، توفي سنة ١٦٩ ه.
(٢) هو الفقيه التابعي أبو عبد الله مكحول بن زيد الدمشقي ، كان يسكن دمشق ، سمع كثيرا من الصحابة والتابعين ، وروى عنه كثيرون منهم الاوزاعي ، وكان يقول : «طفت الارض في طلب العلم». واتفقوا على توثيقه ، وتوفي بدمشق سنة ثماني عشرة ومائة.
(٣) روى هذا الحديث ابن أبي الدنيا في مواعظ الخلفاء.