الله صلىاللهعليهوآله : «أيما وال مات غاشا لرعيته حرم الله عليه الجنة» (١).
يا أمير المؤمنين ، من كره الحق فقد كره الله ، ان الله هو الحق المبين ، ان الذي ليّن قلوب أمتكم لكم حين ولّاكم أمورهم ، لقرابتكم من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقد كان بهم رؤوفا رحيما ، مواسيا لهم بنفسه في ذات يده ، محمودا عند الله وعند الناس ، فحقيق بك أن تقوم له فيهم بالحق ، وأن تكون بالقسط له فيهم قائما ، ولعوراتهم ساترا ، لا تغلق عليك دونهم الابواب ، ولا تقيم دونهم الحجاب ، تبتهج بالنعمة عندهم ، وتبتئس بما أصابهم من سوء.
يا أمير المؤمنين ، قد كنت في شغل شاغل من خاصة نفسك عن عامة الناس الذي أصبحت تملكهم : أحمرهم وأسودهم ، مسلمهم وكافرهم ، وكل له عليك نصيب من العدل ، فكيف بك اذا انبعث منهم فئام (٢) وراء فئام ، وليس منهم أحد الا وهو يشكو بلية أدخلتها عليه ، أو ظلامة سقتها اليه.
يا أمير المؤمنين ، حدثني مكحول عن عروة بن رويم قال : كانت بيد رسول الله صلىاللهعليهوسلم جريدة يستاك بها ، ويروع بها المنافقين. فأتاه جبريل عليهالسلام ، فقال له : يا محمد ، ما هذه الجريدة التي كسرت بها قلوب أمتك ، وملأت قلوبهم رعبا (٣) ، فكيف بمن شقق أبشارهم (٤) وسفك دماءهم ، وخرب ديارهم ، وأجلاهم عن بلادهم ، وغيّبهم الخوف منه.
__________________
(١) روى هذا الحديث ابن أبي الدنيا ، وابن عدي في الكامل.
(٢) الفئام ـ بوزن الكتاب ـ الجماعة من الناس ، لا واحد له من لفظه.
(٣) روى هذا الحديث ابن أبي الدنيا ، وهو مرسل.
(٤) الابشار : جمع بشرة ، وهي ظاهر جلد الانسان.