يحكمون ، وان كانوا لا يعلمون قبح ما يفعلون.
أما الذين اتبعوا الذكر واستبصروا ، وانتفعوا بالذي سمعوه منك ، وبه عملوا ، فقد استوجبوا أن تبشرهم ، فبشرهم وأخبرهم على وجه يظهر السرور بمضمون خيرك عليهم ، وأجر كريم كبير وافر على اعمالهم ، وان كان فيها خلل».
والذكرى التي يشيد القرآن بأمرها ، ويطالب بالحرص عليها ، انما تتحقق على وجهها عند المتحلين بفضيلة الخشية ، ولذلك يقول القرآن في سورة النازعات :
«إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى»(١).
أي لمن له عقل يتدبر به عواقب الأمور ومصائرها ، فينظر بعين التدبر في حوادث الماضين وأحوال الحاضرين ، فيتعظ بها ويخضع لربه بسببها.
ويقول في سورة الأعلى :
«فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى ، سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى ، وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى ، الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى ، ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى»(٢).
فالذكرى مفيدة ونافعة عند الذين يخشون ربهم ، ويخشون عاقبة الكفران والجحود ، مع قيام الدلائل والبراهين على الحق المبين ، وفي هذا المقام نفهم ان المتحلي بفضيلة الخشية هو المفلح السعيد
__________________
(١) سورة النازعات ، الآية ٢٦.
(٢) سورة الاعلى ، الآيات ٩ ـ ١٣.