من رحيقه خير وبركة.
وأعظم تشريف لهذه الفضيلة القرآنية انها صفة من صفات الله عزوجل ، فالقرآن يقول في سورة يونس :
«وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ» (١).
والقاضي بالقسط هو الله. ومن أسماء الله الحسنى اسم «المقسط». ومعناه كما سبق أن ينتصف للمظلوم من الظالم مع ارضائهما معا.
ومثاله كما روى الغزالي في «المقصد الأسنى» أنه قال :
بينما رسول الله صلىاللهعليهوسلم جالس ، اذ ضحك حتى بدت ثناياه ، فقال عمر : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، ما الذي أضحكك؟.
قال : رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة ، فقال أحدهما :
يا رب ، خذ مظلمتي من هذا.
فقال الله عزوجل : رد على أخيك مظلمته.
فقال : يا رب ، لم يبق من حسناتي شيء.
فقال عزوجل للطالب : كيف تصنع بأخيك؟ لم يبق من حسناته شيء.
فقال : يا رب ، ليحمل عني من أوزاري.
ثم فاضت عينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالبكاء ، وقال : ان ذلك ليوم عظيم ، يوم يحتاج الناس الى أن يحمل عنهم من أوزارهم ، قال : فيقول الله عزوجل ـ أي للمتظلم ـ : ارفع بصرك فانظر في الجنان.
__________________
(١) سورة يونس ، الآية ٤٧.