لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ ، إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (١).
ليس على الضعفاء الذين لا يقوون على الجهاد ، كالشيوخ والعجزة والزمنى ، ولا على الفقراء الذين لا يجدون مالا ينفقون منه على أنفسهم ، ليس على هؤلاء تضييق في حكم الشرع يعدون به مذنبين ، ولا اثم عليهم في القعود عن الواجب ، اذا أخلصوا لله تعالى في الايمان ، وللرسول صلىاللهعليهوسلم في الطاعة وأداء الامانة بالقول والعمل ، ولا سيما الذي تقتضيه حالة الحرب ، فان النصيحة هي ما يصلح به الشيء ، ويكون خاليا من الغش والخلل.
والنصح لله وللرسول هنا هو كل ما فيه مصلحة الامة ، ولا سيما المجاهدين منها ، مثل كتمان الاسرار ، والحث على البر ، ومقاومة الخيانة في السر والجهر. فكل ناصح لله ولرسوله محسن ، لا سبيل الى مؤاخذته وايقاعه في الحرج.
وينبغي أن نفهم أنه لا فائدة من النصح دون استعداد للتلقي ولذلك نرى نبي الله نوحا يقول لقومه كما جاء في سورة هود :
«وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» (٢).
وقد مضت سنة الله تعالى ـ كما جاء في تفسير المنار ـ أن نفع النصح له شرطان أو طرفان ، هما الفاعل للنصح والقابل له ، وانما يقبله المستعد
__________________
(١) سورة التوبة ، الآية ٩١.
(٢) سورة هود ، الآية ٣٤.