يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ ، خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ» (١).
ولقد تشعب رأي الفقهاء في حكم الهجرة من دار الكفر الى دار الاسلام ، وقد تحدث تفسير «المنار» فقال : «وقد اختلف الفقهاء في حكم الهجرة من بلاد الكفر الى بلاد الاسلام في مثل عصرنا هذا ويؤخذ من علة وجوب الهجرة في عهد التشريع أنها تجب بمثل تلك العلة في كل زمان ومكان ، فلا يجوز لمؤمن أن يقيم في بلاد يفتن فيها عن دينه ، بأن يؤذى اذا صرح باعتقاده أو عمل بما يجب عليه ، وان كان حكام تلك البلاد من صنف المسلمين ، ومن ذلك أن لا يقدر المسلمون على التصريح قولا وكتابة بكل ما يعتقدون ، ولا يمكنوا من القيام بفريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجمع عليه منهما».
ويرى الاستاذ الامام محمد عبده أنه لا معنى للخلاف في وجوب الهجرة من الارض التي يمنع فيها المؤمن من العمل بدينه ، أو يؤذى فيه ايذاء لا يقدر على احتماله ، وأما المقيم في دار الكافرين ، ولكنه لا يمنع ولا يؤذى اذا هو عمل بدينه ، بل يمكنه أن يقيم جميع أحكامه بلا نكير ، فلا يجب عليه أن يهاجر ، بل ربما كانت الاقامة في دار الكفر سببا لظهور محاسن الاسلام واقبال الناس عليه.
وكان هذا الكلام بمناسبة التعرض لقول الله تعالى في سورة النساء :
«إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ
__________________
(١) سورة التوبة ، الآية ٢٠ ـ ٢٢