تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً ، إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً ، فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُوراً ، وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً» (١).
والهجرة بمعنييها الحسي والاخلاقي شيمة الانبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. لقد هاجروا هجرة أخلاقية روحية حين صدوا عن رذائل أقوامهم وقبائح شعوبهم وسيئات أممهم ، وهجروهم فلم يشاركوهم سيئة من السيئات ولا منكرا من المنكرات ، بل هاجروا الى ربهم حتى عند ما كانوا مقيمين بين أقوامهم ، وهاجر الانبياء كذلك الهجرة الحسية من مكان الى مكان ، فهاجر ابراهيم ، وهاجر لوط ، وهاجر موسى ، وهاجر عيسى ، وهاجر خاتمهم محمد عليهم جميعا صلوات الله وسلامه.
ومن باب الهجرة الاخلاقية الروحية قول الله تبارك وتعالى في سورة المدثر :
«وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ» (٢).
أي والمآثم فاترك ، أي اترك المعصية ، وهذا حث على مفارقة ما لا
__________________
(١) سورة النساء ، الآية ٩٧ ـ ١٠٠.
(٢) سورة المدثر ، الآية ٥.