«حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً ، قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا؟» (١)
فصارحهم بأن مثل هذا العمل الكبير يحتاج الى التعاون ولا يتم دونه ، قال : «ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما ، آتوني زبر الحديد (أي قطع الحديد الكبيرة) حتى اذا ساوى بين الصدفين (أي جانبي الجبلين وهما السدّان) قال انفخوا حتى اذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا» أي نحاسا مذابا.
فماذا كانت نتيجة هذا التعاون العظيم؟
كانت نتيجته اتمام عمل عظيم ، وهو سد منيع ، لا يستطيع مهاجموه أن يعلوا ظهره ، ولا أن يحدثوا فيه خرقا. يقول القرآن الكريم في ذلك :
«فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً». (٢)
ونفهم هنا أن القرآن المجيد يرمز الى أن التعاون اذا أخلص له أهلوه ، وبذلوا فيه بصدق ما استطاعوا حقق لهم من النتائج ما يكفي ويشفي ، كما يرمز الى فضيلة التذكر لنعمة الله بين المتعاونين ، حتى يمنحهم عنايته ورعايته ، وحتى يكون هذا الشعور الديني الخالص معوانا على البلوغ بالتعاون الى أهدافه الجليلة الشريفة.
__________________
(١) سورة الكهف ، الآية ٩٣ و ٩٤.
(٢) سورة الكهف ، الآية ٩٧.