أي ان داود رجّاع عما يكرهه ربه من الذنوب ، الى ما يرضيه من الطاعات ، وقد كان داود مطيعا لله كثير الصلاة ، وكان كثير الرجوع الى الله في أموره كلها.
ويقول القرآن الكريم في السورة نفسها :
«وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ» (١).
أي انه رجّاع الى طاعة الله ، في النعمة بالشكر وفي المحنة بالصبر ، وقال بعض المفسرين : ان الأواب هنا معناه التائب المسبح ، الذي يذكر ذنبه في الخلاء فيستغفر الله منه ، أو الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب.
وقد أشار الرازي الى أن قوله تعالى في الآية السابقة : «انه أواب» كالتعليل ، فهو يدل على أنه انما كان نعم العبد لأنه كان أوّابا ، فيلزم أن كل من كان كثير الرجوع الى الله تعالى في أكثر الاوقات وفي أكثر المهمات ، كان موصوفا بأنه العبد ، وهذا هو الحق الذي لا شبهة فيه ، لأن كمال الانسان في أن يعرف الحق لذاته ، والخير لأجل العمل به ، ورأس المعارف ورئيسها معرفة الله تعالى ، ورأس الطاعات ورئيسها الاعتراف بأنه لا يتم شيء من الخيرات الا باعانة الله تعالى ، ومن كان كذلك كان كثير الرجوع الى الله تعالى ، فكان أوّابا ، فثبت أن كل من كان أوّابا وجب أن يكون نعم العبد.
ويقول القرآن المجيد في سورة «ق» :
«وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ، هذا ما تُوعَدُونَ
__________________
(١) سورة ص ، الآية ٣٠.