«يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ ، وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ» (١).
أي أن من حكمة الله في تشريعه ـ كما يشير تفسير المنار ـ أن يجعله الله معتدلا وسطا ميسورا ، رحمة بكم وفضلا عليكم ، وفي هذا ترغيب في قبول ما شرعه الحق من تيسير ورخصة ، والله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه ، والله تعالى لا يريد اعنات الناس بأحكامه ، وانما يريد اليسر بهم ، ويريد خيرهم ونفعهم ، ومن هذه الرحمة أخذ العلماء قاعدتهم التي تقول : «المشقة تجلب التيسير».
وكأن الله جل جلاله حين يستن مع عباده هذه السنة الكريمة ـ سنة اليسر والسهولة والترفق ـ يوحي اليهم أن يأخذوا أنفسهم بالتياسر والملاينة مع الناس ، فقد ذاقوا من قبل حلاوة الرحمة الالهية واليسر الرباني ، فاللائق بهم أن يتأثروا بتلك المعاملة ، فتلقي ظلها الكريم عليهم ، فيكون من وراء ذلك مياسرة في طباعهم ، ودماثة في أخلاقهم ، وسهولة في معاملاتهم ، ليعطوا صورة عملية للابرار الذين أفادوا أنفسهم وغيرهم من التطبع بأخلاق القرآن المجيد.
والله عزوجل يقول في سورة القمر :
«وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ» (٢).
وكرر هذا النص الحكيم هنا أربع مرات ، فهو جل شأنه جعل قرآنه شريعة يسودها اليسر والرفق والرحمة :
«لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها» (٣).
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ١٨٥.
(٢) سورة القمر ، الآية ٢٢.
(٣) سورة البقرة ، الآية ٢٨٦.