العمل هو أعظم ثواب. وأن ما عند الله يغنيه عن كل الناس. وان ما عند كل الناس لا يغنيه عن الله ، وهو لذلك لم يراء بالعمل ، ولم يخادع فيه ، ولم يرد به جاها ولا منصبا ولا سمعة ، ولذلك يقوم العبد بالعمل على أحسن صورة ممكنة ، ثم لا يطلب من الناس أي غرض ، وانما عمله لوجه الله وحده.
وفي الاحتساب معنى أن الله هو الكافي والوافي ، وقد جاء في سورة الطلاق قول الله سبحانه :
«وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ» (١).
أي من فوّض الى الله أمره ، وابتغى وجهه ، وتوكل عليه ، فله من الثواب في الآخرة ما يغنيه ويكفيه.
ويقول الحق جل علاه في سورة التوبة :
«فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ» (٢).
ان الله وحده يكفيني ويغنيني ، فاليه وحده توجهي ، اذ لا معبود لي سواه. وعليه وحده يكون توكلي واعتمادي ، وله وحده الملك والجاه.
وقد أشار «تفسير المنار» الى انه ينبغي للمؤمن أن يتأمل معنى هذه الآية ، ويطالب نفسه بالتحقق به. فانه يجد به من حلاوة الايمان وعزة النفس ، ما يحتقر به خسائس المادة التي يتكالب عليها الماديون ، ويبخسون أنفسهم انتحارا اذا فاتهم أو أعياهم شيء منها ، وقد ورد في ذلك عن أم
__________________
(١) سورة الطلاق ، الآية ٣.
(٢) سورة التوبة ، الآية ١٣٠.