«الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» (١).
«المطوعين» : المتطوعين ، والتطوع في العبادة ما زاد على الفريضة ، والذين يلمزون : هم الذين يعيبون المتطوعين بالصدقات ، وقيل الذين يعيبون المتطوعين بالجهاد ، وهم الذين نفروا للجهاد بأموالهم وأنفسهم طاعة لله تعالى ولرسوله صلىاللهعليهوسلم ، من غير ان يكون واحد منهم مرغما على ذلك ، ومن غير أن يكون الجهاد مطلوبا منهم من ولي الامر ، والقول الاول أرجح وأوضح.
وقد جاء في سبب النزول للآية ما رواه البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تصدقوا فاني أريد أن أبعث بعثا».
فجاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فقال : يا رسول الله ، عندي أربعة آلاف : ألفين أقرضهما ربي وألفين أمسكهما لعيالي.
فقال عليه الصلاة والسّلام : «بارك الله لك فيما أعطيت وفيما أمسكت».
وفي رواية الطبري أنه لما حث الرسول على الصدقة في غزوة تبوك جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف فقال : يا رسول الله مالي ثمانية آلاف ، جئتك بنصفها وأمسكت نصفها ، فقال النبي صلوات الله وسلامه عليه : «بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت» ، وتصدق يومئذ عاصم
__________________
(١) سورة التوبة الآية ٧٩.