وللصوفية طريقتهم الخاصة في الكلام عن البشرى والاستبشار فعندما يتكلمون مثلا عن قول الله تعالى في سورة البقرة :
«وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ» (١).
يرى القشيري في «لطائف الاشارات» أن هذه البشارة المذكورة في الآية تتضمن نعما مؤجلة لعموم المؤمنين ، ونعما معجلة للخواص.
فتلك ـ أي المؤجلة ـ هي جنان المثوبة ، وهذه ـ أي المعجلة ـ جنان القربة ، وتلك رياض النزهة ، وهذه رياض الزلفة ، بل تلك حدائق الافضال ، وهذه حقائق الوصال ، وتلك رفع الدرجات ، وهذه روح المناجاة ، وتلك قضية جوده ، وهذه الاشتغال بوجوده ، وتلك راحة الابشار ، وهذه نزهة الاسرار ، وتلك لطف العطاء للظواهر ، وهذه كشف الغطاء عن السرائر ، وتلك لطف نواله وأفضاله ، وهذه كشف جماله وجلاله.
هكذا تحدث القشيري الصوفي على طريقته.
وتعجبني أبيات تفيض بالاستبشار والرضا والتفتح للحياة ، للشاعر المرحوم محمد مصطفى حمام من قصيدة بعنوان : «علمتني الحياة : كنت قد اقترحت عليه موضوعها ، وفي هذه الابيات يقول :
علمتني الحياة أن أتلقى |
|
كلّ ألوانها رضا وقبولا |
ورأيت الرضا يخفف أثقا |
|
لي ، ويلقي على المآسي سدولا |
والذي ألهم الرضا لا تراه |
|
أبد الدهر حاسدا أو عذولا |
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ٢٥.