واعطهم أفضل ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم ، وما آثرونا به على أبنائهم وأهاليهم وقراباتهم.
اللّهمّ إنّ أعداءنا عابوا عليهم خروجهم ، فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا خلافاً منهم على من خالفنا ، فارحم تلك الوجوه التي غيّرتها الشمس ، وارحم تلك الخدود التى تقلّبت على حفرة أبي عبدالله الحسين عليهالسلام ، وارحم تلك الأعين التي جَرتْ دموعها رحمةً لنا ، وارحم تلك القلوب التي جزعت واخترقت لنا ، وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا ، اللّهمّ إنّي استودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان حتّى نوافيهم على الحوض يوم العطش [ الأكبر ].
فما زال عليهالسلام وهو ساجدٌ يدعو بهذا الدعاء ، فلمّا انصرف قلت : جعلت فداك لو أنّ هذا الذي سمعت منك كان لمن لا يعرف الله عزّ وجلّ لظننت أنّ النار لا تطعم منه شيئاً!! والله لقد تمنّيت أنّي كنت زرته ولم أحجّ ، فقال لي : ما أقربك منه ؛ فما الذي يمنعك من إتيانه؟ ثمّ قال : يا معاوية لم تدع ذلك ، قلت : جُعلتُ فداك لم أدر أنّ الأمر يبلغ هذا كلّه؟ فقال :