قال الأستاذ : «البلاء الحسن» : توفيق الشكر في المحنة ، وتحقيق الصبر في المحنة.
ويقال : «البلاء الحسن» : أن يشهد المبلى في عين البلاء ، ثمّ روح قلوب المحتملين بلاء محبّته ، وأثقال شوقه ، بقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) :
(سَمِيعٌ) : أنين أهل الشكوى في شوقه ، (عَلِيمٌ) : ألم فقدانه في قلوب أهل محبّته.
قال الأستاذ : تنفيس لقوم ، وتهديد لقوم ، أصحاب الرفق يقول لهم : إن الله سميع لأنينكم ، فيتروّح عليهم بهذا وقتهم ، ويحمل عنهم بلاءهم ، وأنشد في هذا المعنى :
إذا ما تمنّى الناس روحا وراحة |
|
تمنيت أن أشكو إليه فيسمع |
(ذلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ (١٨) إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (١٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (٢٠) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٢١) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (٢٢) وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤))
قوله تعالى : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) : حذّر الله الصادقين عن الدعاوى الباطلة ، التي لم يكن معها المعنى ، فإنّ سماع الظاهر بغير فهم ، ومتابعة أمر ، فهو سماع غفلة.
ثم وصف هؤلاء المدّعين بأنهم أغفل من الحيوان ، بقوله تعالى : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) : «الصمّ» : عن استماع هواتف الغيب ، و «البكم» : عن نشر فضائل المعرفة ، ووصف المعروف بنشاط المعرفة ورؤية المشاهدة ، وذلك ميراث جهالتهم بأنفسهم ، ومعرفة صانعهم عن طريق العقل والعلم في كلّ موضع.
العقل هناك أمير البدن ، لا يقبل عن صاحبه إلا النظر إلى الحقّ ، والسماع من الحق ، والقول بالحق.
قال بعضهم : من سمع ، ولم يؤثر عليه فوائد السماع وزوائده في أحواله ، فهو غير مستمع ، ولا سامع ، والمستمع على الحقيقة من يرجع من حال السماع بزيادة فائدة ، أو بزيادة حال ، ومن حضر مجالس السماع ، ولم يرجع بزيادة ، فإنما يرجع بنقصان.
قال الله تعالى : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ).