قال أبو بكر الورّاق : ما كان الله ليظهر فيهم البدع ، وأنت فيهم ، وما كان الله ليأخذهم بذنوبهم ، وهم يستغفرون.
قال بعضهم : الرسول صلىاللهعليهوسلم هو الأمان الأعظم ، ما عاش وما دامت سنّته باقية فهو باق ، وإذا أميتت سنّته ، فلينتظروا البلاء والفتن.
وقال الأستاذ : وما كان الله ليعذّب أسلافهم ، وأنت في أصلابهم ، وليس يعذبهم اليوم ، وأنت فيما بينهم إجلالا لقدرك ، وإكراما لمحلّك ، وإذا خرجت من بينهم ، فلا يعذّبهم وفيهم خدمك ، الذين يستغفرون.
ويقال للجوّاد : حرمت فجاد الكرام في ظلّ أنعامهم ، والكفار إن تمتعوا بقرب الرسول عليهالسلام ، فقد اندفع العذاب بمجاورته عليهم ، وأنشد في هذا المعنى :
وأحبّها وأحبّ منزلها الذي |
|
حلّت به وأحبّ أهل المنزل |
ثم إن الله سبحانه ذكر أنه يعذّب من يعادي نبيّه عليهالسلام في الدنيا بالسيف ، ولا يعذّبهم عذاب الاستئصال إلا في الآخرة ، بقوله تعالى : (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ) : لحرمة نبيّه عليهالسلام وإن المؤمن الصادق في إيمانه لا يعذبه الله في الآخرة ؛ لأن نبيّه يكون فيهم يوم القيامة ، وبشّرنا سبحانه أنه لا يعذب أمته مادام هو فيهم ، فيكون في الآخرة هو فيما بين المؤمنين ، فيدخل المؤمن النار ؛ لتحلة قسمه ، وبأن يطفئ بنوره ناره ، وذلك قوله عليهالسلام : «جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك ناري» (١).
يدخل المؤمن والكافر في النار ، فيبقي الكفار في النار ، والمؤمنون يمرون على الصراط كالبرق الخاطف.
فإن وصلت النار إلى المجرمين من أمّته ، لا تصل إليهم لجهة الخلود ، بل لجهة الخلوص ، وفي هذا المعني قيل :
إذا سلم العهد الذي كان بيننا |
|
فردّي وإن شطّ المزار سليم |
وهكذا قال الأستاذ ـ رحمة الله عليه ـ ثم بيّن سبب إيصال العذاب إلى الكافرين ، بقوله تعالى : (يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا
__________________
تعالى ، والتبتّل إليه ، فإذا بالإنسان الكامل وبظاهره يحصل الأمان لظاهر العالم وصورته ، وبقلب الإنسان الكامل ونفسه ؛ يحصل الأمان لنفسه ، فهو أمان مطلق من الله تعالى في حق نفسه ، وفي حق غيره.
(١) هو من الأحاديث التي تفرد بذكرها المصنف في كتبه.