الْمُتَّقُونَ) : كانوا يعملون شيئا ليس لهم ، فإنهم ليسوا من أهل الحرم مع جهلهم بالله ، وهم لا يعلمون أن ليس لهم صد المؤمنين عنه ، فإن أحبّاء الكعبة ، هم الذين قدّسوا أعينهم من النظر إلى ما سوى الله غير الكعبة ، التي هي مرآة تجلّي صفاته ، بقوله تعالى : (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ).
قوله تعالى : (لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ).
إنّ الله سبحانه أراد بحشر الخلق يوم القيامة أن يزيد أشواق المحبّين والعارفين والمشتاقين ، بكشف جماله ، وحسن جلاله ، وتمييزهم من المدّعين الكاذبين ، الذين يدّعون في الدنيا معرفته ومحبّته وولايته ؛ وليريح أصفياءه من صحبة هؤلاء الكفرة الضالين ، الذين صرفوا وجوههم من الحقّ إلى الخلق بالرياء والسمعة ، وطلب الجاه والمنزلة.
وأيضا يخلّص أحباءه من مناهضة هواجس النفس الأمّارة ، وخطرات الشيطانية ، ويقدّس قلوبهم وأرواحهم وعقولهم من هجوم طوارق القهريات ، التي يأتي عليها بالابتلاء والامتحان.
قيل : المخلص من المرائي ، والمؤمن من الكافر ، والمطيع من العاصي.
(وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٤٠) وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤١) إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (٤٢) إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلكِنَّ اللهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٤٣) وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤٤) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥))
قوله تعالى : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) : الإشارة إلى كفرة النفوس الأمّارة بسوء أي : جاهدوها ، وأميتوها حتى تتقدّس مزارع أنوار اليقين ،