وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (١٥١) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ (١٥٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (١٥٣) وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ (١٥٤))
وقال بعض العراقيين : ترسم معهم برسم الظاهر نحو الكعبة في استقبال الكعبة ببدنك ، ولا تقطع قلبك عن مشاهدتنا ؛ فإنّا جعلنا الكعبة قبلة بدنك ، ونحن قبلة قلبك.
(وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ) أي : لا تقولوا ، ولا تظنّوا لمن يقتل في سبيل العشق بسيف الشوق أموات ؛ بل أحياء بعد فنائه عن حياة الإنسانية بحياة الربّانيّة ، (وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ) ؛ لأنكم محبوسون بين الوجود والعدم ، وهم مخلّدون في بقاء القدم.
ومن ذبح نفسه من أربعة مواضع قطع رأس حرصها من الدنيا في مذبح التفرّد ، وقطع رأس أملها من إرادة حياتها ووجودها في مصرع التجريد ، وقطع رأس رياستها من الخلق في منجز التوحيد ، وقطع رأس ميلها إلى الآخرة في مقتل التحقيق ، ألبس الله تعالى روحه أربعة لباس في أربعة مقام : ألبسها لباس سناء المعرفة في مقام المكاشفة ، وألبسها لباس صفاء المحبّة في مقام المشاهدة ، وألبسها ضياء الوصلة في مقام القربة ، وألبسها لباس أنوار الأنانية بنعت البسط والسلطنة في مقام المخاطبة ، وإذا كان بهذه الصفة ، فقد فاز من سكرات الممات ، وصار حيّا ببقاء الصفات.
(وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
وقيل : لأنهم مقتولون في الحق ، ومن كان مقتولا فيه كان حيّا به ، ولكن لا تشعرون أي : لا يعلمه من نظر إلى الجهاد بعين التدبير ، ولم ينظر إليه بعين الرضا.
(وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) أي : ولكلّ روح منهاج وقبلة ومعراج في وجود الذّات ، وحقيقة الصفات ، فعين العيان قبلة الأرواح القدسية ، وصرف الصفات هو قبلة الأرواح الجلالية ، وعين القدم هو قبلة الأرواح العزّة ، وعين الأبد هو قبلة الأرواح البقائية ، وأنوار المشاهدة هي قبلة الأرواح الشائقة ، وحسن الصفات هو قبلة أرواح المؤانسة ، ونفحات بساتين الغيب هي قبلة الأرواح الروحاني ، هو موليها أي : تلك الروح الرحمانية هي قاصدة إيّاها بجناح الشوق ، مجذوبة