تتعلق روحكم بأنواره.
قال الشبلي : بذكر الله طلع الأكياس عن بساتين الأنس ، وبذكر الله فاز الأولياء بجوائز الرحمن ، وبذكره هامت قلوب العارفين شوقا إليه.
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ (٢٠١) أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (٢٠٢) وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٠٣))
حسنة الدنيا معرفة الله وطلب مرضاته بترك الاشتغال في الدنيا ، (وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) وحسنة الآخرة مشاهدة الله تعالى والاشتغال به عن نعيم الآخرة ، (وَقِنا عَذابَ النَّارِ) أي : وقنا عذاب الحجاب باحتراقنا في نيران شهوات نعيم الآخرة ، وأيضا حسنة الدنيا اليقين ، وحسنة الآخرة الكشف ، وأيضا بحسنة الدنيا المواجيد السرمدية ، وحسنة الآخرة الشكر بمشاهدة الحق جل جلاله ، وأيضا حسنة الدنيا الذكر الصافي في خاطر صاف على دوام المراقبة بلا غبار الكدورة ، وحسنة الآخرة الغيبة عن الذكر بمشاهدة المذكور.
وقيل : حسنة الدنيا الإغراض عنها ، وحسنة الآخرة ترك الاشتغال بها ، وقنا نيران شهواتها فإن ما شغل عندك فهو مشئوم.
وقال الواسطي : في الدنيا حسنة الغيبة عن كل متظلم من الحق ، وفي الآخرة حسنة الغيبة عن رفع الأفعال والرجوع إلى الفضل والرحمة.
وقال ابن عطاء : القناعة بالرزق والرضا بالقضاء.
وقيل : (فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) محبة ، (وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) قربة ، (وَقِنا عَذابَ النَّارِ) نيران القطيعة والفرقة ، ولا ينالون من نار جهنم.
وقيل : (فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) ذكرك ، (وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) قربك ، (وَقِنا عَذابَ النَّارِ) أن تحرمنا ذكرك.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ (٢٠٤) وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ (٢٠٥) وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ (٢٠٦) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (٢٠٧))