السالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد بمعنى : قال له عند دخوله .. أي سأل فرعون موسى ـ عليهالسلام ـ أي شيء رب العالمين؟ و«ما» يستفهم بها عن الذات المبهمة.
** (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والعشرين .. وفي معناه إبطال لامتنان فرعون على موسى ـ عليهالسلام ـ بالتربية وفيه ما يشبه التعنيف كأنه سمى نعمته نقمة. يقال : من ـ يمن ـ عليه ـ بالعتق بكسر الميم ومننت عليه منا : أي عددت له ما فعلت له من الصنائع مثل أن تقول : أعطيتك وفعلت لك .. وهو تكدير وتعيير تنكسر منه القلوب فلهذا نهى الشارع عنه بقوله تعالى في سورة «البقرة» : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) ومن هنا يقال : المن أخو المن أي الامتنان بتعديد الصنائع أخو القطع والهدم فإنه يقال : مننت الشيء منا أيضا : أي قطعته فهو ممنون والمنون المنية ـ اسم مؤنث ـ وكأنها اسم فاعل من المن وهو القطع لأنها تقطع الأعمار .. أما المنون فهو الدهر .. والمن ـ بفتح الميم أيضا : شيء يسقط من السماء فيجنى. أما الفعل «عبدته» بتشديد الباء مثل استعبدته وأعبدته بمعنى : اتخذته عبدا .. وتعبد الرجل بمعنى : تنسك .. وتعبدته : أي دعونه إلى الطاعة .. ويقال : التعبيد أيضا بمعنى الاستعباد. قال الفيومي : يقال : عبدت الله أعبده عبادة : وهي الانقياد والخضوع .. واسم الفاعل : عابد وجمعه : عباد وعبدة .. ثم استعمل فيمن اتخذ إلها غير الله وتقرب إليه فقيل : عابد الوثن والشمس وغير ذلك.
** (قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ) : هذا هو نص الآية الكريمة الثالثة والعشرين .. المعنى والتقدير : وما حقيقة رب العالمين الذي قلت : إنك رسوله؟ فحذف المضاف «حقيقة» وحل المضاف إليه «رب العالمين» محله .. وفي السؤال إنكار لادعائه الألوهية وفي الآية الكريمة التالية : «قال رب السموات والأرض ..» وفيه رد على فرعون أي أجابه موسى ردا عن سؤاله.
** (قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ) : هذا هو نص الآية الكريمة الخامسة والعشرين .. أي قال فرعون لمن حوله من رجال دولته من الحاشية والأشراف متعجبا من هذه الإجابة ألا تسمعون رده أو جوابه أي ما قاله موسى؟ فحذف مفعوله «تسمعون» اختصارا .. وهو «ردة ..».
** (فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والثلاثين أي ثعبان ظاهر الثعبانية لا شيء يشبه الثعبان كما تكون الأشياء المزورة بالشعوذة والسحر .. وروي أنها انقلبت ـ أي عصاه ـ حية ارتفعت في السماء قدر ميل ثم انحطت مقبلة إلى فرعون وجعلت تقول : يا موسى مرني بما شئت .. ويقول فرعون : أسألك بالذي أرسلك ألا أخذتها .. فأخذها وعادت عصا. وروي أن «فرعون» لما أبصر الآية الأولى قال : فهل غيرها؟ فأخرج يده فقال له : ما هذه؟ قال يدك فما فيها؟ فأدخلها في إبطه ثم نزعها ولها شعاع يكاد يغشى الأبصار ويسد الأفق. و«العصا» اسم مؤنث .. وقولهم هذه عصاتي خطأ والصواب هذه عصاي .. وقولهم : ألقى عصاه : مثل معناه : أقام وترك الأسفار.
(قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) (٢٤)