** (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة. المعنى زينا لهم أعمالهم السيئة فهم يضلون وتعمى بصيرتهم .. يقال : عمه ـ يعمه ـ عمها .. من باب «طرب» بمعنى : تردد وتحير فهو عمه ـ فعل بمعنى فاعل ـ وعامه وهم عمه ـ بضم العين وتشديد الميم ـ وتعامه مثله مأخوذ من قولهم : هذه أرض عمهاء : أي لم يكن فيها أمارات ـ علامات ـ تدل على النجاة .. أما الفعل «عمي» من باب «صدي» فمعناه : ذهب بصره أي فقده فهو أعمى وهي عمياء وهم عمي ـ بضم العين وتسكين الميم ـ وعميان .. ولا يقع العمى إلا على العينين جميعا ويستعار العمى للقلب كناية عن الضلالة وعدم الاهتداء فهو أعمى القلب.
** (أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة وقد حذف المشار إليه اختصارا لأن ما قبله دال عليه أي أولئك المنكرون للبعث .. والمشار إليه المحذوف «المنكرون» هو صفة ـ نعت ـ لاسم الإشارة «أولئك» لهم أشد العذاب في الدنيا.
** (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة .. المعنى : لتلقن القرآن أي تفهمه .. ولم يقل «الحكيم العليم» لأن الغرض من التنكير التفخيم أي وإنك لتؤتاه عند إله حكيم عليم .. ولم يذكر الموصوف لفظ الجلالة لأنه معلوم اكتفاء بالصفتين.
** (إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة .. المعنى : واذكر أيها النبي حين قال موسى لامرأته وهو يسير معها بعد أن تزوجها من أبيها شعيب بمدين وقد تاه عن الطريق أي وهو في طريقه إلى مصر : إني أبصرت نارا .. يقال : أنس ـ يأنس ـ من باب «علم» وفي لغة من باب «ضرب» وهو خلاف «الإيحاش» أي ألفه وسكن قلبه به وهو ضد أوحشه. و«الأنس» بضم الهمزة اسم منه و«الأنس» بفتح الهمزة والنون ـ جماعة من الناس وسمي به وبمصغره. و«الأنيس» الذي يستأنس به ويقال منه استأنست به وتأنست به : إذا سكن إليه القلب ولم ينفر وقال الجوهري : آنس الصوت : أي سمعه فهو مؤنس ـ اسم فاعل ـ وكانت العرب تسمي يوم الخميس مؤنسا ـ بكسر النون ـ لأنه اسم فاعل ومن معاني الفعل «آنس» : علم .. أبصر وهو ما جاء في الآية الكريمة المذكورة و«الإيناس» هو النظر لما يؤنس إليه. و«الشهاب» هو شعلة من نار ساطعة .. وجمعه : شهب ـ بضم الشين والهاء ـ قال المصحف المفسر : وهو كل مضيء متولد من النار وكل ما يرى كأنه كوكب منقض وقد يطلق على الكواكب .. و«قبس» بمعنى مقبوس ـ اسم مفعول ـ ومقباس .. يقال : قبس منه نارا .. من باب «ضرب» أي أخذ شعلة فاقبسه : أي فأعطاه منه قبسا. ويقال : اقتبس منه نارا وعلما : بمعنى : استفاد. قال اليزيدي : أقبسه علما وقبسه نارا .. فإن كان طلبها له قال : أقبسه وقال الكسائي : أقبسه علما ونارا سواء. و«تصطلون» بمعنى : تستدفئون.
** (وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة العاشرة .. المعنى : فلما ألقاها ورآها تهتز كأنها حية خفيفة سريعة الحركة فر خائفا منها ولم يرجع على عقبيه. وأصل «الجان» أن معناه : أبو الجن و«الإنس» الناس .. وسموا ناسا لظهورهم مأخوذ من «الإيناس» وهو الإبصار كما سموا بشرا. وفي الآية الكريمة شبهت عصا موسى ـ عليهالسلام ـ عند اهتزازها وحركتها بالجان وهو من التشبيه الجيد.