وقال الزمخشري : ويحتمل أن يكون أراد في قبح صورتها والهلع منها عند رؤيتها كأنها جان لأنها كانت تهتز فتراءى له منظر الحية البشع .. وتسمى الحية عند العرب «جانا» والشيطان بشع الصورة وقبيحها أيضا فهو كريه وقبيح المنظر في طباع الناس لاعتقادهم أنه شر محض لا يخلطه خير فيقولون في القبيح الصورة : كأنه وجه شيطان .. كأنه رأس شيطان وإذا صوره المصورون جاءوا بصورته على أقبح شيء مما يقدر وأهوله. وقيل : إن الشيطان : هو حية عرفاء لها صورة قبيحة المنظر هائلة جدا. ومن أسماء «الشيطان» : الطاغوت وجمعه : طواغيت : أي شياطين .. أو إن الطاغوت هو كل ما عبد من دون الله وصد عن عبادته سبحانه. أما «العصا» فهي العود .. وما يتوكأ عليه .. قيل : سميت «العصا» عصا .. لأن اليد والأصابع تجتمع عليها مأخوذ من عصوت القوم : إذا جمعتهم على خير أو شر .. ومنه يقال : انشقت عصا القوم : بمعنى : وقع الخلاف بينهم و«العصا» تعني أيضا : الجماعة. والفعلان : عصا .. وعصى .. الأول من باب «عدا» والثاني من باب «رمى» واللفظتان هما فعلان لمعنيين مختلفين وإن كانا متفقين لفظا وكذلك الحال بالنسبة إلى مصدريهما فاللفظة الأولى «عصا» تأتي فعلا واسما برسمها هذا في حين أن اللفظة الثانية «عصى» هي فعل ماض فقط ولم يأت برسمها هذا الاسم. ومنه القول الشهير : العصا لمن عصى. فالفعل الأول «عصا» معناه : ضرب بالعصا نحو : عصا الرجل ولده ـ يعصوه ـ عصوا : بمعنى : ضربه بالعصا .. وعصى المبارز ـ يعصي عصا بالسيف : أي ضرب به كما يضرب بالعصا. والفعل الثاني «عصى» : بمعنى خالف وخرج عن الطاعة .. نحو : عصى الولد والده ـ يعصيه ـ عصيا ومعصية : بمعنى : خرج عن طاعة والده وعانده وخالف أمره فهو عاص ـ اسم فاعل ـ وعصي .. أي كثير العصيان ـ من صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى فاعل ـ أي مبالغة في عدم الطاعة وجمع «عاص» هو «عصاة» مثل «رام ورماة» ومنه القول : استعصى الشيء أو الأمر عليه : أي اشتد كأنه من العصيان .. واستعملت «العصا» كناية لمعان كثيرة .. منها : شق فلان العصا : يضرب مثلا لمفارقة الجماعة ومخالفتهم .. وألقى عصاه : أي أقام واطمأن .. وقيل : لا ترفع عصاك عن أهلك : يراد به الأدب. ويقال : هذه عصاي ولا يقال : عصاتي. قال الفراء : أول لحن سمع بالعراق : هذه عصاتي. ويقال في الخوارج : قد شقوا عصا المسلمين : أي اجتماعهم وائتلافهم.
** (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية عشرة .. المعنى : أدخل يدك في طوقك تخرج بيضاء من غير آفة في جملة تسع آيات أرسلناك بها إلى فرعون وقومه إنهم كانوا خارجين .. والآيات التسع ـ كما ذكرها المصحف المفسر ـ هي : فلق البحر .. والطوفان .. والجراد والقمل والضفادع .. والدم .. والطمسة والجدب. ومن عد «العصا واليد» في التسع عد الآخرين واحدا ولم يعد فلق البحر لأنه لم يبعث به. والمراد بالطمس : الطمس على الأموال والطبع على القلوب .. و«القمل» هو حشرة تصيب الزرع .. و«الدم» هو تحول الماء دما.
** (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة عشرة .. ولم تلحق علامة التأنيث بفعل العاقبة لأن تأنيثها غير حقيقي أو تكون «عاقبة» بمعنى : عقاب مصير.
** (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة عشرة .. المعنى : أوتي فهم لغة الطير وهذا يدل على أن المنطق ليس قاصرا على العقلاء .. وقالت العرب : نطقت الحمامة .. وكل