** (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة والثمانين .. أصله : وجعلنا النهار المضيء ليبصروا فيه فبولغ فيه بجعل الإبصار حالا من أحواله لا تنفك عنه ليبصروا فيه طرق التقلب في المكاسب أي العمل وكسب الرزق وحذف مفعول اسم الفاعل «مبصرا» الذي يعمل عمل فعله الرباعي المتعدي «أبصر» وهو «طرق الكسب».
** (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة والثمانين .. المعنى : يوم يدعى الناس للحساب .. والنفخ في الصورة .. أي البوق : هو كناية عن استدعاء الناس للحساب. وقال المصحف المفسر : إن الكلمة جمع صورة والنفخ فيها من قبل إسرافيل يعيد الحياة إليها .. وفزع بمعنى خاف ولم يقل «فيفزع» لأنه معطوف على مضارع «أي على ينفخ» وذلك لمسألة دقيقة وهي الإشعار بتحقق الفزع وثبوته وإنه كائن لا محالة لأن الفعل الماضي يدل على وجود الفعل وكونه مقطوعا به .. فالمراد : فزعهم عند النفخة الأولى حين يصعقون. وفي قوله تعالى في تكملة الآية : (إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) : يكون مفعول «شاء» محذوفا .. التقدير : إلا من شاء الله إلا يفزع أي إلا يفزع أي إلا من شاء عدم إفزاعه بمعنى : إلا من ثبت الله قلبه من الملائكة والشهداء الأحياء عند ربهم يرزقون وقوله : كل أتوه داخرين» أي كل الخلائق حضروا موقف الحساب بعد النفخة الثانية صاغرين خاضعين فالنفخة الأولى للإماتة والنفخة الثانية للبعث والحساب وبعد حذف المضاف إليه «الخلائق» نون آخر المضاف «كل».
** (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الثامنة والثمانين الفعل «تحسب» بضم السين لأن ماضيه من باب «نصر وكتب» .. أما الفعل «حسب» بمعنى «ظن» فهو بكسر السين ومضارعه بفتح السين .. لأنه من باب «تعب» في لغة جميع العرب إلا بني كناية فإنهم يكسرون المضارع ـ هذا ما ذكره الفيومي ـ مع كسر الماضي أيضا على غير قياس. والحسب ـ بفتح الحاء والسين ـ ما يعد من المآثر وهو مصدر «حسب» على وزن «شرف» شرفا وكرم كرما قال ابن السكيت : الحسب والكرم يكونان في الإنسان وإن لم يكن لآبائه شرف .. ورجل حسيب كريم بنفسه. قال وأما المجد والشرف فلا يوصف بهما الشخص إلا إذا كانا فيه وفي آبائه. وقال الأزهري : الحسب : الشرف الثابت له ولآبائه قال وقوله ـ عليهالسلام ـ : «تنكح المرأة لحسبها ـ أحوج أهل العلم إلى معرفة الحسب لأنه مما يعتبر في مهر المثل فالحسب الفعال له ولآبائه مأخوذ من الحساب وهو عد المناقب لأنهم كانوا إذا تفاخروا حسب كل واحد مناقبه ومناقب آبائه ومما يشهد لقول ابن السكيت قول الشاعر :
ومن كان ذات نسب كريم ولم يكن |
|
له حسب كان اللئيم المذمما |
جعل الحسب فعال الشخص مثل الشجاعة وحسن الخلق والجود ومنه قوله : «حسب المرء دينه».
** (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والثمانين .. المعنى : من جاء بالخصلة الحسنة وهي الإيمان والعمل الصالح فله ثواب .. أي أجر أفضل منها أضعافا مضاعفة .. فحذف الموصوف «الخصلة» وأقيمت الصفة «الحسنة» مقامها ومثلها القول في الآية الكريمة التالية «التسعين» : ومن جاء بالسيئة : أي بالخصلة السيئة وهي الشرك والمعصية. وقيل إن الكلمتين «الحسنة» و«السيئة» من الصفات التي تجري مجرى الأسماء. وجاء الضمير الهاء في «له» على لفظ «من» أي بصيغة الإفراد وجاء بصيغة الجمع «هم .. آمنون» على معنى «من» لأن «من» مفردة لفظا مجموع معنى .. وكذلك في الآية الكريمة التالية.