** (وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ) : المعنى : من فتيانكم. ولم يقل : من عبيدكم .. لأن الناس جميعا عبيد لله تعالى وحده. وقد منع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ هذه الكلمة وقال : ليقل أحدكم : فتاي وفتاتي ولا يقل : عبدي وأمتي.
** (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ) : ورد هذا القول في الآية الكريمة الثالثة والثلاثين. المعنى : والأرقاء الذين يرغبون في المكاتبة فكاتبوهم إن وجدتم لديهم قدرة على أداء ما عليهم من مال .. لأن «المكاتبة» هي أن يتفق السيد مع رقيقه على مال يؤديه مقسطا فإذا أداه فهو حر .. يقال : كاتب العبد مكاتبة وكتابا ـ من باب قاتل ـ ومثله كتب كتابا في المعاملات وكتابة أيضا. قال الفيومي : وقول الفقهاء باب الكتابة فيه تسامح لأن الكتابة اسم المكتوب. وقيل للمكاتبة : كتابة تسمية باسم المكتوب مجازا واتساعا لأنه يكتب في الغالب للعبد على مولاه كتاب بالعتق عند أداء النجوم ثم كثر الاستعمال حتى قال الفقهاء للمكاتبة : كتابة وإن لم يكتب شيء. قال الأزهري : وسميت المكاتبة كتابة في الإسلام وهي دليل على أن هذا الإطلاق ليس عربيا. وشذ الزمخشري فجعل المكاتبة .. والكتابة بمعنى واحد ولا يكاد يوجد لغيره ذلك ويجوز أنه أراد الكتاب فطغا القلم بزيادة الهاء. والأصل في باب المفاعلة ـ نحو كاتب ـ أن يكون من اثنين فصاعدا يفعل أحدهما بصاحبه ما يفعل هو به وحينئذ فكل واحد فاعل ومفعول من حيث المعنى.
** (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة الخامسة والثلاثين المعنى : الله منور وذو نور السموات وصاحب نور السموات. و«النور» تأتي جمعا للنار أيضا مثل «نيران» مثل «ساحة» وجمعها : سوح .. ونور السموات والأرض هو الحق .. شبهه سبحانه بالنور في ظهوره وبيانه. وكقوله تعالى في سورة «البقرة» : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) أي من الباطل إلى الحق. ويقال : نار الشيء فهو نير : بمعنى : أضاء. فهو مضيء ـ اسم فاعل. قال الشاعر :
أنا الآتي أنا الآتي |
|
ونور الفجر مرآتي |
وصدر البيت فيه توكيد لفظي.
(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ) (٢٩)
(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) : فعل ماض ناقص من أخوات «كان». عليكم : جار ومجرور متعلق بخبر «ليس» المقدم والميم علامة جمع الذكور. جناح : اسم «ليس» المؤخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : ذنب أو إثم.
(أَنْ تَدْخُلُوا) : حرف مصدري ناصب. تدخلوا : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل