** (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة عشرة .. أي ولما بلغ غاية نموه واستوى جسما وعقلا أي بلغ المبلغ الذي لا يزاد عليه وهو أربعون سنة أي اعتدل وتم استحكامه و«أشده» لفظة مفردة جاءت بصيغة جمع.
** (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الخامسة عشرة. المعنى : ودخل موسى مدينة مصر عاصمة الفراعنة وهي «منف» وأهلها غافلون عنه أي مستخفيا .. وكان ذلك قبل النبوة .. وقوله تعالى : (هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ) معناه : هذا رجل من شيعته أي من حزبه بمعنى : ممن شايعه على دينه من بني إسرائيل .. وقيل : هو السامري .. من تابعيه في الدين أي إسرائيلي .. فحذف الموصوف خبر «هذا» أي «رجل» وبقيت صفته «من شيعته» أقيمت مقام الخبر ومثله في التقدير : وهذا رجل من عدوه : أي ممن خالفه في دينه .. من القبط أي من قوم فرعون .. وقيل : اسمه : فاتون. ومن عدوه : أي من أعدائه .. لأن لفظة «عدو» تقع على المفرد المذكر والمؤنث والجمع بلفظ واحد .. وقال ابن السكيت : فعول إذا كان بمعنى فاعل كان مؤنثه بغير هاء نحو : هذا رجل صبور وهذه امرأة صبور إلا حرفا واحدا جاء نادرا .. قالوا هذه عدوة الله. قال الفراء : وإنما أدخلوا فيها الهاء تشبيها بصديقة لأن الشيء قد يبنى على ضده ولفظة «عدوه» في الآية الكريمة المذكورة آنفا معناها : على الذي من أعدائه كما قال تعالى في سورة «الأنعام» : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ) وقوله تعالى : (فَوَكَزَهُ مُوسى) معناه : فدفعه بأطراف أصابعه .. وقيل : لكمه بجمع كفه وكان موسى شابا قويا فقتله خطأ .. يقال : وكزه ـ يكزه ـ وكزا : أي ضربه ودفعه .. من باب «وعد» وقيل : ضربه بجمع يده على ذقنه وقال الكسائي : المعنى : لكمه. وقوله : (قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) أي هذا القتل من تزيين الشيطان الذي أغضبني .. فحذف النعت المشار إليه «القتل» اختصارا لأن ما قبله يدل عليه. وكان هذا القتل قبل النبوة لأن موسى ـ عليهالسلام ـ أوحي إليه بعد زواجه بابنة شعيب ـ عليهالسلام ـ وهو في الأربعين من عمره .. ولهذا تضرع إلى الله تعالى أن يغفر له عمله هذا في قوله تعالى في الآية الكريمة التالية : (قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ) وعن ابن حريج : ليس لنبي أن يقتل ما لم يؤمر .. لذلك قال موسى ـ عليهالسلام ـ : «إني ظلمت نفس فاغفر لي لأنه قتل القبطي قبل أن يؤذن له في القتل فكان ذنبا يستغفر منه. وفي قوله (عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها) كسر آخر «حين» لإضافته إلى اسم ويكسر ويرفع أيضا في حالة إضافته إلى جملة بفعل مضارع .. نحو هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم. أو «على حين أعاتبك ..» أي أن الظرف «حين» والظرف «يوم» يبنى على الفتح إذا أضيف إلى جملة تبدأ بفعل ماض نحو قولنا : على حين عاتبتك .. بني الظرف «حين» على الفتح رغم جره بحرف الجر لأنه أضيف إلى فعل ماض ومثله القول : يرجع الإنسان كيوم ولدته أمه .. بني الاسم «يوم» على الفتح رغم جره بالكاف لأن بعده فعلا ماضيا ويصرف الاسم «يوم» والظرف «حين» إذا أضيف إلى المضارع.
** (قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة عشرة .. التقدير والمعنى : اعصمني بسبب أو بحق إنعامك علي بالمغفرة أو أقسم بسبب إنعامك علي بالمغفرة لأتوبن وحذف المضاف «سبب .. أو حق» وأقيم المضاف إليه المصدر المؤول «إنعامك» محله.