(أَنْزَلْتَ إِلَيَّ) : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ للموصوف «ما» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل. إلي : جار ومجرور متعلق بأنزلت.
(مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) : يعرب إعراب «إلي» لأنه بدل منه بمعنى : إني لأي شيء أنزلت إلي قليل أو كثير لفقير. و«فقير» خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة ويجوز أن يكون المعنى : إني فقير من الدنيا لأجل ما أنزلت إلي من خير الدين وهو النجاة من الظالمين. و«إن» وما بعدها : في محل نصب. مفعول به ـ مقول القول ـ وقيل : لمعنى : فدعا ربه وهو جائع : رب إني بحاجة إلى أي طعام كان.
** (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والعشرين .. المعنى والتقدير : وحين جاء موسى ـ عليهالسلام ـ ماءهم أي بئرهم التي يستقون منها وجد عليه ـ أي فوق مستوى الماء .. أي البئر ـ جماعة كثيفة العدد من أناس مختلفين .. وقال «عليه» بتذكير الضمير وذلك لعودته على لفظ «ماء» لا على معناه «بئر» وجاء الضمير في «يسقون» وهو يعود على «أمة» على معناها لا على لفظها. وحذف مفعول «يسقون» أي يسقون مواشيهم أو غنمهم .. كما حذف مفعول «تذودان» أي تمنعان أغنامهما من ورود الماء بسبب الزحام ووجود السقاة من الرجال الأقوياء .. وحذف كذلك مفعول «لا نسقي» أي لا نسقي مواشينا .. حذفت هذه المفعولات الثلاثة للأفعال «يسقون .. تذودان .. لا نسقي» لأن الغرض من القول الكريم هو الفعل لا المفعول .. وأصل «الذود» هو المنع .. وهو للإبل .. يقال : ذاد الراعي إبله عن الماء يذودها ذودا وذيادا .. من باب «قال» بمعنى : ساقها وطردها .. وذاده عن كذا : بمعنى طرده. وقيل : المعنى : تذودان عن وجهيهما النظر لتسترهما .. وقوله : ما خطبكما؟ معناه : ما شأنكما لا تسقيان أغنامكما مع الناس؟ وهذا الاسم «خطبكما» حقيقته : ما مخطوبكما أي ما مطلوبكما من الذياد فسمي المخطوب خطبا كما سمي الشئون شأنا في قولك : ما شأنك؟ يقال : شأنت شأنه : أي قصدت قصده .. و«الرعاء» جمع «راع» ومعناها : الرعاة والرعيان مؤنثه : راعية. أما لفظة «كبير» فمعناها : كبير السن وبعد حذف المضاف إليه «السن» نون آخر المضاف «كبير».
وقوله : «حتى يصدر الرعاء» معناه : حتى ينصرف الرعاة .. يقال : صدر القوم ـ يصدرون ـ صدورا من باب «قعد» أي انصرفوا .. وأصدرناهم : أي صرفناهم. و«الشيخ» هو الرجل الذي فوق الكهل أي جاوزن الثلاثين ووخطه الشيب : أي خالط سواد شعره .. وقيل : هو