** (وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة الخامسة والعشرين. أي ومثواكم النار .. وقيل للمأوى : أم .. على التشبيه لأن الأم مأوى الولد ومفزعه وقوله تعالى في سورة «القارعة» : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) مأخوذ من قولهم إذا دعوا على الرجل بالهلكة : هوت أمه .. لأنه إذا هوى أي سقط وهلك فقد هوت أمه ثكلا وحزنا .. وقيل : هاوية : اسم من أسماء النار وكأنها النار العميقة لهوي أهل النار فيها مهوى بعيدا .. أي فمأواه النار .. وعن قتادة : المعنى : فأم رأسه هاوية في قعر جهنم لأنه يطرح فيها منكوسا. وجاء «هاوية» بغير ألف ولام لأنها معرفة بغير ألف ولام. وإذا كان الفعل «هوى» مفتوح ما قبل الآخر ـ الواو ـ في الماضي مكسور ما قبل الآخر ـ الواو ـ في المضارع لأنه من باب «ضرب» بمعنى سقط من علو. فإن الفعل «هوي» مكسور ما قبل الآخر ـ الواو ـ في الماضي مفتوح ما قبل الآخر ـ الواو ـ في المضارع لأنه من باب «صدي» والفعلان متضادان معنى وصرفا. والهوى هو هوى النفس وهو مصدر الفعل «هوي» من باب «صدي» أو «تعب» يقال : هوى الشيء يهواه هوى : بمعنى : أحبه وعلق به .. ثم أطلق على ميل النفس وانحرافها نحو الشيء ثم استعمل في ميل مذموم فيقال : اتبع فلان هواه .. وهو من أهل الأهواء أي ممن زاغ عن الطريقة المثلى. ومعرفة باب الفعل من الفعلين تدل على معناه وتساعد على صحة استعماله. قال عمر بن الخطاب : أفلح من حفظ من المطمع والغضب والهوى نفسه. وقيل : الهوى من النوى .. أي إن البعد يورث الحب ومنه يتولد ؛ فإن الإنسان إذا كان يرى كل يوم استحير ومل ولذلك قيل : اغترب تتجدد .. ومثله : زر غبا تزدد حبا. والفعل المزيد «استهواه» : معناه ذهب بهواه وعقله وحيره .. ويأتي من الفعل «هوي» اسم تفضيل نحو : هذا الشيء أهوى إلي من كذا : أي أحب إلي.
** (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة السادسة والعشرين .. المعنى : فصدق لوط برسالة إبراهيم .. وكان مع إبراهيم امرأته سارة ولوط ابن أخيه فنزل إبراهيم فلسطين ونزل لوط سدوم .. وكان «لوط» أول من آمن به حين رأى النار لم تحرقه وكانت عليه بردا وسلاما.
** (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة والعشرين .. أي ووهبنا لإبراهيم إسحاق بعد بكره إسماعيل ويعقوب بن إسحاق و«الكتاب» اسم جنس بمعنى والكتب الموحاة وهي الكتب الأربعة : التوراة .. الزبور .. الإنجيل والقرآن وجعلنا في نسله النبوة فكل الأنبياء من بعده هم من ذريته ـ عليهم جميعا السلام ـ.
** (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثامنة والعشرين .. أي إنكم تتعاطون اللواط أي الفعلة الفاحشة المتناهية في القبح .. فحذف الموصوف «الفعلة» وحلت الصفة «الفاحشة» محله. واللفظة من الصفات التي تجري مجرى الأسماء كالسيئة والحسنة .. وفعلها : فحش ـ يفحش ـ فحشا .. مثل قبح قبحا وزنا ومعنى .. وفي لغة : من باب «قتل».
** (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة والعشرين .. إنكم لتلوطون الرجال بدلا من النساء وتأتون أنواع التهتك وهو العمل المخالف للشرع واللفظة اسم مفعول في مجلسكم. و«النادي»