** (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) : في هذا القول الكريم الوارد في الآية الكريمة الثالثة والستين أكد سبحانه منزلة الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عنده ـ عزوجل ـ لأن المعنى : لا تجعلوا : استدعاء الرسول بينكم كاستدعاء بعضكم بعضا في جواز التباطؤ والتهاون في الاستجابة لأن استجابته فرض .. أو بمعنى لا تجعلوا نداءه وتسميته بينكم كما يسمى بعضكم بعضا ويناديه باسمه .. ولا تقولوا يا محمد بل قولوا يا رسول الله يا نبي الله بتوقير وتعظيم وصوت مخفوض بتواضع أو لا تقيسوا دعاءه إياكم كدعاء أو على دعاء بعضكم بعضا ورجوعكم عن المجتمع بغير إذن الداعي أو لا تجعلوا تسميته ونداءه بينكم كما يسمي بعضكم بعضا ويناديه باسمه الذي سماه به أبواه وقيل : يحتمل أن يكون المعنى : لا تجعلوا دعاء الرسول ربه مثل ما يدعو صغيركم كبيركم وفقيركم غنيكم يسأله حاجة فربما أجابه وربما رده .. فإن دعوات رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مسموعة مستجابة. يقال : دعوت الله أدعوه ـ دعاء بمعنى : ابتهلت إليه بالسؤال ورغبت فيما عنده من الخير .. ودعوت دعاء لصاحبي .. أي رجوت له الخير .. وعكسه : دعوت على صاحبي : أي أردت أو طلبت له الشر. ويقال : دعا المؤذن الناس إلى الصلاة : أي طلب الناس إليها. فالمؤذن داع وجمعه : دعاة وداعون. والنبي الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ داعي الخلق إلى التوحيد. ويقال دعوت الولد زيدا وبزيد : أي سميته ..
ـ قال ابن عباس : كانوا يقولون : يا محمد .. يا أبا القاسم .. فأنزل الله تعالى قوله الكريم : «لا تجعلوا دعاء الرسول ..» فقالوا : يا نبي الله .. يا رسول الله.
** (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً) : المعنى : قد علم الله الذين ينسلون منكم قليلا قليلا من الجماعة مستترين بعضهم ببعض حتى يخرجوا من المسجد أو من حضرة الرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في أثناء الخطبة من غير استئذان .. فالفعل «تسلل» معناه : خرج خفية بين الجماعة أو غيرها ومثله الفعل «انسل» فلا نقول : تسلل فلان إلى المكان. بل يقال : تسلل منه ودخل المكان خفية. ويقال : لاذ الرجل ـ يلوذ ـ بالمكان ـ لواذا ـ بكسر اللام وحكي بتثليث اللام بمعنى : التجأ. و«اللواذ» هو الالتجاء. والفعل «لاذ» بمعنى : لجأ مثل «عاذ» في بابه .. أي من باب «قال» فالمصدر : لوذا ولياذا و«لواذا» في الآية الكريمة فعله : لاوذ نحو : لاوذ القوم ملاوذة ولواذا بمعنى : لاذ بعضهم ومنه القول الكريم المذكور في الآية الكريمة. قال الجوهري : ولو كان من «لاذ» لقال : لياذا.
(وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٥٩)
(وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ) : الواو استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه متعلق بجوابه وهو أداة شرط غير جازمة ـ متضمن معنى الشرط ـ بلغ : فعل ماض مبني على الفتح. الأطفال : فاعل مرفوع بالضمة. والجملة الفعلية «بلغ الأطفال» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف.