** (يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة العشرين .. المعنى : يظنون أن الأحزاب لم يغادروا المدينة أي ما زالوا يحاصرونها وإن يأتوا مرة أخرى أي كرة ثانية يتمنوا أو تمنوا لخوفهم مما أصابهم من مجيء الأحزاب ثانية أنهم خارجون إلى البدو أي حاصلين بين أعراب البادية وقد ذكر الفعل «يأت» على معنى الأحزاب لا على اللفظ و «بادون» اسم فاعلين بمعنى : إنهم في البادية مع الأعراب بمعنى : خارجون إلى البدو أي أن يكونوا في بادية الأعراب غير المدينة وهي جمع «البادي» أي ساكن البادية يقال بدا ـ يبدو ـ إلى البادية بداوة ـ بفتح الباء وكسرها بمعنى خرج إليها من باب «عدا» وبدا الأمر : أي ظهر .. من باب «سما» و «البدو» بفتح الباء : خلاف الحضر والنسبة إلى «البادية» هي بدوي على غير قياس. والبوادي : جمع «البادية» و «يودوا» بمعنى : يتمنوا وماضيه : ود نحو ود الشيء يوده ودا ـ بضم الواو وفتحها : أي أحبه والاسم منه : المودة. «ووددت الشيء» بكسر الدال الأولى من باب «تعب» بمعنى : تمنيته أي أردته. وحكى الكسائي : وددت ـ بفتح الدال الأولى وهو غلط عند البصريين .. وقال الزجاج : لم يقل الكسائي إلا ما سمع ولكنه سمعه ممن لا يوثق بفصاحته .. أما «تودد» إليه : فمعناه : تحبب وهو ودود : أي محب. يقال : هو ودود وهي ودود : أي كثير الحب .. ويقال : بودي أن يكون كذا أو أن يتحقق ما أرجوه : بمعنى : أحب تحقيقه أما «الأعراب» فهي جمع «أعرابي» بفتح الهمزة أي من أهل البدو وهم العرب إما الإعرابي بكسر الهمزة فهو منسوب إلى الإعراب وهو الذي يعرب الكلام : أي يحسنه ويفصح واسم الفاعل منه هو معرب .. يقال : أعرب الكلمة يعربها إعرابا : أي بين وجهها من الإعراب واوضحها و «الأعرابي» أيضا : هو الجاهل من العرب .. و «العرب» بضم العين وسكون الراء ـ والعرب ـ بفتح العين والراء ـ وجمعها : أعرب وعروب فهم جيل من الناس وهم خلاف العجم أي كل من ليس من العرب ويقال : هؤلاء عرب عرباء وعاربة : بمعنى : هم الصرحاء الخلص أما العرب المتعربة والمستعربة : فهم الدخلاء الذين هم ليسوا بخلص وعند قولنا : قالت العرب .. أنث الفعل على اللفظة وليس على المعنى أو على تأويل الطائفة مثل أقتت الرسل.
** (يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ) : المعنى : يسألون الأعراب أو يسألون كل آت منهم من المدينة عن أخباركم ، وحذف مفعول «يسألون» وهو «الأعراب .. أو كل آت» اختصارا للعلم به أي لأنه معلوم.
** (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية والعشرين .. المعنى لقد كان لكم قدوة حسنة في محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو ثابت الجنان في القتال أو في تحليه بالصبر على معاناة الشدائد أي في مواقف رسول الله البطولية وتضحياته وصبره وحذف المضاف «مواقف» وبقي المضاف إليه «رسول».
** (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) : أي لمن كان يرجو مغفرة الله أو ثوابه وإحسانه أو أيام الله والفوز أي يرجو الفوز في ذلك اليوم وبمعنى : يطمع في رضوان الله ويرجو الفوز بالنجاة في اليوم الآخر .. فحذف مفعول «يرجو» وهو «مغفرة» وهو مضاف وبقي المضاف إليه لفظ الجلالة وانتصب للتعظيم بيرجو.