** (وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية والعشرين .. وفيه حذف من باب الاختصار .. المعنى : وحين رأى المؤمنون الأحزاب قادمين لمقاتلتهم والمحذوف هو مفعول «رأى» الثاني على معنى «علموا» أي هي «رأى» القلبية بمعنى : علموا بقدموهم أما إذا كان الفعل «رأى» بمعنى البصرية فالجملة المحذوفة أو المقدرة في محل نصب حال بمعنى : ولما أبصروهم يتقدمون ..
** (وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً) : الفاعل ـ فاعل زاد ـ محذوف اختصارا لأنه معلوم أو لأن ما قبله يدل عليه وهو رؤية المؤمنين الأحزاب بمعنى : وما زادهم هول الرؤية أو حصار المدينة أو يكون الفاعل «الرؤية» نفسها وقد ذكر الفعل «زاد» مع الفاعل «الرؤية» لأنه فصل عن فاعله بفاصل وهو «هم». وقد حذفت صلتا المعطوف «تسليما» والمعطوف عليه «إيمانا» اختصارا بمعنى : إلا إيمانا بالله وتسليما لأقداره.
** (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) : في هذا القول الكريم الوارد في الآية الكريمة الثالثة والعشرين وفيه حذف مفعول «ينتظر» اختصارا لأن ما قبله يدل عليه أي فمنهم من مات مجاهدا أو شهيدا بعد أن قضى مدته ووقته ومنهم من ينتظر الشهادة والمفعول المحذوف هو «الشهادة» كما حذف للسبب نفسه مفعول «بدلوا» بمعنى : وما بدلوا العهد ولا غيره تبديلا أي تغييرا. وقيل : أصل النحب : هو النذر فجعلوه كناية عن الموت .. يقال : نحب الرجل ـ ينحب ـ نحبا ـ من باب «ضرب» بمعنى بكى والاسم : هو النحيب .. ونحب ـ ينحب ـ نحبا .. من باب «قتل» بمعنى : نذر وقضى نحبه : بمعنى : مات أو قتل في سبيل الله وأصله الوفاء بالنذر.
** سبب نزول الآية : نزلت الآية الكريمة في أنس بن النضر الذي غاب عن بدر فعاهد الله على القتال في مشهد آخر فشهد يوم أحد فوجد في جسده بضع وثمانون من بين ضربة وطعنة ورمية ومنهم من استشهد في سبيل الله ومنهم من ينتظر الشهادة كعثمان وطلحة وما بدلوا العهد تبديلا.
** (فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة الثامنة والعشرين : المعنى : أقبلن بإرادتكن أعطكن متعة الطلاق وأطلقكن طلاقا بالسنة أي من غير ضرار عليكن .. والفعل هنا جاء بفتح اللام وقد خالف الزمخشري الشاعر أبا فراس الحمداني الذي أورد الفعل بكسر اللام في قصيدته الشهيرة وهو أسير في بلاد الروم. وأبو فراس الحمداني هو ابن عم سيف الدولة الحمداني ممدوح الشاعر الكبير المتنبي.
أقول وقد ناحت بقربي حمامة |
|
أيا جارتا لو تشعرين بحالي |
معاذ الهوى ما ذقت طارقة النوى |
|
وما خطرت منك الهموم ببالي |
أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا |
|
تعالي أقاسمك الهموم تعالي |
أورد الشاعر الفعل «تعالي» بكسر اللام مماشاة لأهل مكة الذين يقولون : تعالي ـ بكسر اللام ـ للمرأة وقد جوزوا قول الشاعر هذا الفعل بكسر اللام وخالفه الزمخشري في ذلك وقال : إن الوجه الصحيح هو فتح اللام لأنها عين الفعل كالعين في «تصاعدي» وقال : لام الفعل التي كان حقها أن تكسر قد سقطت لأن الأصل : تعاليي : وتقول في النداء : يا رجل