تعاله. فإذا وصلت طرحت الهاء كقولك : تعال يا رجل وتعاليا يا رجلان وتعالوا يا رجال ويقال للمرأتين : تعاليا وللنسوة : تعالين. وأورد مصدر آخر الفعل الأول «تعالي» بفتح اللام والفعل الثاني بكسر اللام. وقال إن كسر اللام الثانية جاء لضرورة شعرية بدليل أن الأول جاء بفتح اللام وقيل عن الشاعر «أبي فراس الحمداني» : أبو فراس صاحب هذه الأبيات شاعر مجيد مطبوع ـ أي يأتي بالشعر من دون تكلف ـ ولكنه لا يستشهد بشعره في اللغة وقواعد النحو والصرف وذلك لأنه من الشعراء المولدين الذين جاءوا بعد ما فسدت الألسنة وكثر الدخيل وفشا اللحن .. وقد حكم علماء اللغة على هذا الشاعر بأنه لحن في هذا البيت «أي أخطأ» وخالف وجه الصواب حيث نطق «تعالي» بكسر اللام .. والمعروف عن العرب أنهم يفتحون لام هذه الكلمة في كل حال من أحوالها سواء أأسندت إلى الضمير المستتر أم إلى الضمير البارز لواحدة أو لاثنين أو للجمع ؛ فيكون هذا الشاعر قد خالف لغة العرب. ومن يخالف لغة العرب في كلامه العربي يعتبر لاحنا. إلا أن ثمة ـ هناك ـ من اعتبر هذا القول غير مسلم به .. وذلك لأن العلماء قد نصوا في هذه الكلمة على أن للعرب في استعمالها وجهين .. الأول : التزام فتح لامها في كل الأحوال ؛ فيكون شأن هذه الكلمة كشأن غيرها من الأفعال المعتلة الآخر بالألف والوجه الثاني : أن يفتحوا اللام إذا أسند إلى ضمير الواحد المذكر أو الاثنين أو جمع النسوة .. ويكسروا اللام إذا أسند إلى ضمير الواحدة ويضم اللام إذا أسند إلى جماعة الذكور ـ واو الجماعة ـ وقيل : إن الوجه بكسرها أقل في الاستعمال العربي من الوجه بفتح اللام .. ولكن لا يلزم من كونه قليلا أن يكون المتكلم به لاحنا. وعلى ذلك قول أبي فراس غير لحن ولكنه جار على لغة ضعيفة قليلة الاستعمال يصف الشاعر حاله في بعده عن أهله وخلانه ووقوعه بين أيدي الأعداء أسيرا ويبث ما يلاقي من آلام الشوق .. ويصور ذلك في صورة أنه رأى حمامة تغرد في مكان قريب منه فشكا إليها ما به ؛ وقال : إنك تغردين لأنك لا تشعرين بمثل شعوري .. فأنت طليقة وأنا أسير .. وأنت على مقربة من فراخك وأنا بعيد عن صحبي وذوي قرباي .. ثم طلب إليها أن تحضر إليه لكي تقاسمه ما يجده من آلام. فالنوى : هو البعد والفراق .. وطارقته : أي ما يطرق منه ويحدث و «جارتا» أصله : جارتي والألف منقلبة عن الياء.
** سبب نزول الآية : نزلت الآية الكريمة حينما سألت زوجات النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ثياب الزينة وزيادة .. فبدأ بعائشة فخيرها .. فاختارت الله ورسوله ثم اختارت الباقيات اختيارها فشكر الله لهن ذلك في قوله تعالى : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) قالت عائشة : خيرنا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فاخترناه .. فلم يعد طلاقا. أي إن الله تعالى أمر نبيه الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن يخيرهن بين الإصرار على طلبهن التزين وزيادة النفقة وبين البقاء مع رسوله فاخترن كلهن البقاء مع رسوله وأقلعن عن طلبهن.
** (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الثانية والثلاثين و «أحد» اسم لمن يعقل يستوي فيه الواحد والجمع .. وقد جاءت كلمة «أحد» وأصلها : وحد وهو الواحد مذكرة لأنها وضعت في النفي العام فاستوى فيها المذكر والمؤنث والواحد وما وراءه.