رأيت امرأ كنت لم أبله |
|
أتاني فقال اتخذني خليلا |
فخاللته ثم أكرمته |
|
فلم أستفد من لدنه فتيلا |
فألفيته حين جربته |
|
كذوب الحديث سروقا بخيلا |
فذكرته ثم عاتبته |
|
عتابا رقيقا وقولا جميلا |
فألفيته غير مستعتب |
|
ولا ذاكر الله إلا قليلا |
ألست حقيقا بتوديعه |
|
واتباع ذلك صرما طويلا |
فقالوا : بلى والله يا أبا الأسود. قال : تلكم صاحبتكم وقد طلقتها. وأبو الأسود الدؤلي شاعر ينسب إليه أصول النحو العربي وهو أول من وضع النحو بأمر من علي بن أبي طالب ـ عليهالسلام ـ وهو أول من نقط المصاحف النقط الأولى على الإعراب. ويحكى أن أبا الأسود كان يمشي في موكب خلف نعش فقال له رجل : من المتوفي؟ ـ بكسر الفاء ـ فقال : الله تعالى. فقال الرجل له : سألتك عن المتوفي؟ فقال له : وأنا أجبتك. أراد السائل معرفة المتوفى ـ بفتح الفاء ـ وهو اسم مفعول من توفاه الله .. فالله المتوفي ـ بكسر الفاء ـ لأنه اسم فاعل والآخر : متوفى .. أي استوفى ملك الموت حياته. وكان ذلك أحد الأسباب الباعثة لعلي ـ رضي الله عنه ـ على أن أمر أبا الأسود بأن يضع كتابا في النحو تناقضه هذه القراءة.
** (وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ) : المعنى : لا يخفى عليه ولا يغيب عنه ثقل ذرة تافهة ولا أصغر من ذلك المثقال ولا أكبر منه أي من ذلك فحذفت الصفة المشار إليها «المثقال» لأنه مر ذكره قبل الإشارة.
** (إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) : أي إلا مثبتا في اللوح المحفوظ والمراد بمثقال ذرة هو مقدار وزن أو ثقل ذرة من هباء .. وفي عطف (وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ) على (مِثْقالُ ذَرَّةٍ) رأي مخالف للزمخشري حيث أبى ذلك وقال : إن عطف الكلمتين على (مِثْقالُ ذَرَّةٍ) يأباه حرف الاستثناء إلا إذا جعلت الضمير في «عنه» أو جعلت الغيب اسما للخفيات قبل أن تكتب في اللوح لأن إثباتها في اللوح نوع من البروز عن الحجاب على معنى أنه لا ينفصل عن الغيب شيء ولا يزال عنه إلا مسطورا في اللوح المحفوظ.
** (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة وقوله (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا) هو علة إتيان الساعة ليجزي المؤمنين بالثواب الحسن. أي وعملوا الأعمال الصالحات فحذف الموصوف المفعول وحلت صفته «الصالحات» محله كما حذف النعت أو البدل المشار إليه اختصارا لأن ما قبله دال عليه أي أولئك المؤمنون.
** (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ) : المعنى : والذين سعوا أي عملوا وتسببوا في إبطال آياتنا عاملين ذلك بكل طاقتهم مسابقين لنا محاولين تعجيزنا لكي يفوتونا فحذف المضاف «إبطال» اختصارا من هذا القول الكريم الوارد في الآية الكريمة الخامسة.
** (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة. المعنى : ويعلم أهل العلم أي علماء أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأصحابه بالدين السماوي الذي أنزل إليك من ربك وهو القرآن ويهدي الناس أي يرشدهم إلى الدين الإسلامي فحذف مفعول «يهدي» اختصارا وهو «الناس».