** (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية وقد استعير الفتح للإطلاق والإرسال .. يعني أي شيء يطلق الله من نعمة رزق أو مطر أو صحة أو غير ذلك من النعم .. ونكرت «رحمة» لأنها مبهمة بتقدير : من أية رحمة كانت سماوية أو أرضية .. وقيل المعنى : من باب رحمة .. فعلى هذا المعنى يكون المضاف «باب» محذوفا حلت محله «رحمة». وأنث الضمير العائد إلى «ما» وهو «ها» في «لها» لأنه على معنى الرحمة بمعنى فلا مانع لها وذكر الضمير «الهاء» في «له» في قوله «وما يمسك فلا مرسل له» لأن لفظ المرجوع إليه لا تأنيث فيه ولأن الأول أي الضمير المؤنث في «لها» فسر بالرحمة فحسن اتباع التفسير .. ولم يفسر الثاني فترك على أصل التذكير .. ولم يفسر الثاني لدلالة الأول عليه. أما القول «من بعده» فمعناه : من بعد إمساكه وبعد حذف المضاف إليه «إمساك» اختصارا لأن ما قبله دل عليه أوصل المضاف «بعد» إلى المضاف إليه الثاني «الهاء» فصار من بعده بمعنى : وما يمنع عنهم من خير.
** (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة المعنى : وفكروا : هل من خالق غير الله؟ أي لا خالق غير الله .. و «غير» بمعنى «سوى» هنا .. وهي كلمة يوصف بها ويستثنى فإن وصفت بها أتبعتها إعراب ما قبلها وإن استثنيت بها أعربتها بالإعراب الذي يجب للاسم الواقع بعد «إلا» وذلك أن أصل «غير» صفة والاستثناء عارض. ولا تدخل «أل» التعريف على «غير» لأن المقصود من إدخال الألف واللام على النكرة هو تخصيصها بشيء معين ولهذا نقول : الرجل غير المدافع عن وطنه ليس مواطنا صالحا ولا نقول : الرجل الغير مدافع لأن «غيرا» عند إضافتها إلى المعرفة تعامل معاملتها ولهذا توصف المعرفة بلفظة «غير» وقولهم : فلان فعل هذا الأمر غير مرة معناه : فعله أكثر من مرة واحدة.
** (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة وقد أنث الفعل «كذبت» مع نائب الفاعل «رسل» المذكر ـ جمع رسول ـ على اللفظ لا المعنى أو المراد جماعة الرسل .. وقد جاء جزاء الشرط سابقا للشرط لأن المعنى : وإن يكذبوك فتأس بتكذيب الرسل من قبلك فوضع (فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ) موضع «فتأس» استغناء بالسبب عن المسبب : أي بالتكذيب عن التأسي.
** (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة الخامسة .. المعنى : ولا يغرنكم بحلم الله وإمهاله الشيطان الكثير التغرير بكم فحذف المضاف «حلم» اختصارا .. وقرئ الغرور ـ بضم الغين ـ على أنه مصدر : غره ـ يغره ـ من باب «قتل .. أو يكون بتلك القراءة أي بضم الغين .. على معنى أنه جمع «غار» بمعنى «مغرر .. كقعود ـ جمع قاعد ـ.
** (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً) : ورد هذا القول الكريم في مطلع الآية الكريمة الثامنة .. المعنى : أفمن زين له سوء عمله من هذين الفريقين كمن لم يزين له أي أفمن حسن له الشيطان عمله القبيح كمن آمن ولم يزين له الشيطان؟ لا .. إنهما لا يتساويان. وذكر الزمخشري : قال الزجاج : إن المعنى : أفمن زين له سوء عمله ذهبت نفسك عليهم حسرة فحذف الجواب لدلالة «فلا تذهب نفسك عليهم ـ عليه أو أفمن زين له سوء عمله كمن هداه الله فحذف أيضا لدلالة (فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) وحذف مفعول «يشاء» أي يشاء هدايته في (يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) وحذف مفعول «يشاء» الأول في (يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ) المعنى والتقدير : من يشاء إضلاله. المعنى : إن الله تعالى وفق المؤمن حتى ميز بين الحسن والقبيح.