الرجل ـ بكسر الهاء ـ يذهب : أي وجد الذهب وانتابته الدهشة وكأنه زال عقله لأننا نقول : ذهب به : أي أزاله من مكانه. وذهب الرجل ـ بفتح الهاء ـ في الأرض أو في سبيله : أي مضى وسار. ومصدره : ذهاب ـ بفتح الذال ـ ولا يلفظ بكسر الذال لأن «الذهاب» : جمع «ذهبة» ـ بفتح الذال والهاء ـ وهي قطعة من الذهب وتعني أيضا : التبر وهو بدوره : «تبرة» : وهو تراب معدن الذهب أو كل ما له علاقة بالذهب قبل ضربه وصوغه .. وقولهم : أذهب الشيء : معناه : موهه بالذهب .. وموه الشيء بماء الذهب أو الفضة : بمعنى : طلاه .. ومن معاني «موه» محو : موه عليه الخبر أو الأمر : أي زوره عليه وبلغه خلاف ما هو : أي عكس حقيقة الأمر. والفعل «ذهب» فعل لازم ويعدى بالهمزة نحو قوله تعالى في سورة «البقرة» : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) بمعنى : أعمالهم وتعدى الفعل «ذهب» هنا بواسطة الباء وقامت الباء مقام الهمزة فمعناه أذهب الله نورهم .. ولأنه لا يجمع بين الهمزة والباء وهذه الباء تسمى : باء المعاقبة للهمزة في تصيير الفاعل مفعولا فهي والهمزة متعاقبتان فلا تجتمعان. نحو : ذهبت بزيد : أي أذهبته فلا تقول أذهب بزيد. ومن أمثال العرب الشهيرة : اذهب إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم .. وهو اسم ناقة ألقت رحلها في النار فسارت مثلا «ورحلها» ما كان موضوعا على ظهرها ومنه القول كناية : حط رحله وألقى رحله : بمعنى : أقام .. وعاد إلى رحله : أي رجع إلى منزله ومأواه. ويقال : فض اللؤلؤة : أي خرقها. وفي الحديث : «لا يفضض الله فاك» أي فمك .. وهو قول في الدعاء ومثله : لا فض فوك : أي فمك ـ بمعنى : لا نثرت أسنانك ولا فرقت .. يقال هذا القول استحسانا لمن أجاد في القول والكلام وعلى الضد من هذا الدعاء قولهم : فض الله جمعهم : أي فرقهم .. وفض الله فاه.
** (الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والثلاثين .. المعنى هو الذي أنزلنا الجنة دار الإقامة الأبدية ..
** سبب نزولها : نزلت الآية الكريمة حينما سئل النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عن النوم في الجنة والراحة فقال : «ليس فيها لغوب كل أمرهم راحة» واللغوب ـ بضم اللام والغين ـ هو التعب والإعياء يقال لغب ـ يلغب ـ لغوبا .. من باب دخل.
** (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة السابعة والثلاثين .. المعنى : وهم يتصارخون في جهنم مستغيثين .. أي يفتعلون .. من الصراخ استعمل في الاستغاثة لجهر المستغيث صوته أو يستغيثون يقال : صرخ ـ يصرخ ـ صرخا وصراخا .. من باب «قتل» فهو صارخ ـ اسم فاعل وصريخ : إذا صاح .. وصرخ فهو صارخ أيضا : إذا استغاث ويقال : استصرخته فأصرخني : أي استغثت به فأغاثني فهو صريخ : أي مغيث ـ فعيل بمعنى فاعل ـ ومصرخ على القياس .. وقال الجوهري : اصطرخ مثل صرخ والتصرخ هو تكلف الصراخ ويقال : التصرخ بالعطاس حمق والصريخ أيضا الصارخ وهو أيضا المغيث والمستغيث وهو من الأضداد.
** (إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والثلاثين .. أي إنه سبحانه يعلم بما يجيش في الصدور ويخطر في القلوب أي بمضمرات الصدور وهو أخفى ما يكون فمن علم بذلك فهو حري بأن يعلم كل غيب في الكون والعالم. وقد ورد هذا القول الكريم كثيرا في آيات الله البينات. وإذا كان