** (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى .. المعنى : تحل بالتقوى وواظب عليها أي على تقوى الله وليتق الله المؤمنون الذين أنت قدوتهم .. والمنادى هو النبي الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولم يناده سبحانه وتعالى باسمه تكريما له أي ترك سبحانه وتعالى نداء الرسول الكريم باسمه كرامة له وتشريفا وربما تنويها بفضله. و «النبي» محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ هو أبو المؤمنين في الدين ولذلك قيل : إنما المؤمنون إخوة. قال مجاهد : كل نبي هو أبو أمته ولذلك صار المؤمنون إخوة. وقد شبه سبحانه وتعالى أزواج النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بالأمهات في بعض الأحكام وهو وجوب تعظيمهن واحترامهن في قوله عزوجل و «أزواجه أمهاتهم» وحرم سبحانه زواجهن في آية أخرى : (وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) وهن فيما وراء ذلك بمنزلة الأجنبيات .. ولذلك قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : «لسنا أمهات النساء» تعني : أنهن إنما كن أمهات الرجال لكونهن محرمات عليهم كتحريم أمهاتهم .. والدليل على ذلك أن هذا التحريم لم يتعد إلى بناتهن وكذلك يثبت لهن سائر أحكام الأمهات.
** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة حين طلب بعض أهل مكة من النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن يرجع عن قوله على أن يعطوه شطر أموالهم.
** (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة .. يقال : كفى الشيء يكفي كفاية فهو كاف ـ اسم فاعل ـ إذا حصل به الاستغناء عن غيره .. ويقال : اكتفيت بالشيء : أي استغنيت به أو قنعت به وكل شيء ساوى شيئا حتى صار مثله فهو مكافئ له والكفىء ـ بوزن فعيل ـ والكفوء ـ بوزن فعول ـ والكفء ـ بوزن قفل ـ كلها بمعنى المماثل.
** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة عند ما عرض أبو سفيان وعكرمة بن أبي جهل وأبو الأعور السلمي على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن يرفض ذكر آلهتهم بسوء وأن يقول إن لها شفاعة وهم يدعونه وربه.
** (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) : في هذا القول الكريم الوارد في بداية الآية الكريمة الرابعة جاء ردا على بعض العرب إذ كانوا يزعمون أن كل لبيب له قلبان. وقولهم : فلان نقي الجيب : معناه : نقي القلب .. والجيب أيضا : هو طوق القميص. وكان الحبيب المصطفى محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذا نظر إلى السماء قال : ربنا ما خلقت هذا باطلا .. يا مصرف القلوب ثبت قلبي على دينك.
** (وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ) : تظاهرون : بمعنى : تعاملونهن بالظهار وهو قول الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي فلا يحل له أن يقربها .. وكان هذا يحدث في الجاهلية وهو يعتبر طلاقا فعند ما لا يحل له أن يقرب زوجته لا يحل له أن يقرب أمه فبين الله تعالى أن الزوجة ليست أما .. ونحوه في العبارة عن اللفظ : لبى المحرم : إذا قال لبيك .. وأفف الرجل : إذا قال أف. والتنكير في كلمة «رجل» في قوله (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) وإدخال «من» الاستغراقية على القلبين للتأكيد هما تأكيدان لما قصد من المعنى .. بتقدير : ما جعل الله لأمة الرجال ولا لواحد منهم قلبين أبدا في جوفه .. أي في صدره. ويقال : ظاهر الرجل من امرأته ظهارا .. مثل «قاتل قتالا» وتظهر : أي قال لها : أنت علي كظهر أمي .. قيل : إنما خص ذلك بذكر الظهر من باب الاستعارة. وكان «الظهار» طلاقا