وأصحابه في طريقهم إلى بدر (١) ، وقيل : كانوا ثلاثة عشر رجلا ، وكان كل واحد منهم يطعم عشرة جزائر (٢) ، جمع جزور (٣)(لِيَصُدُّوا) أي ليصرفوا الناس (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي عن دينه (فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ) نفقتهم في العاقبة (٤)(عَلَيْهِمْ حَسْرَةً) أي ندامة ، لأنها تكون (٥) لهم زيادة العذاب يوم القيامة (ثُمَّ يُغْلَبُونَ) أي يهزمون في الدنيا فيرجعون أسراء وقتلاء (٦)(وَالَّذِينَ كَفَرُوا) منهم ولم يؤمنوا إلى الموت (إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) [٣٦] بعد الموت في الآخرة ولم يكن الأسر والقتل كفارة لذنوبهم كما كانا للمؤمنين.
(لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٣٧))
(لِيَمِيزَ) بالتخفيف من ماز وبالتشديد من ميز (٧) بمعنى واحد ، أي ليظهر (اللهُ الْخَبِيثَ) بالكفر والمعصية (مِنَ الطَّيِّبِ) بالإيمان والعمل الصالح (وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ) أي الفريق الطالح (بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ) أي فيضمه (جَمِيعاً) أي مجموعا حتى (٨) يتراكبوا (فَيَجْعَلَهُ) أي المجموع المتراكم (فِي جَهَنَّمَ) أي في جملة من يعذبون فيها من الكفار (أُولئِكَ) أي الفريق الخبيث (هُمُ الْخاسِرُونَ) [٣٧] أي المغبونون في العقوبة بانفاقهم أموالهم في عداوة رسول الله عليهالسلام.
(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (٣٨))
(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) أي لأبي وأصحابه ولمن مثلهم إلى يوم القيامة (إِنْ يَنْتَهُوا) عن الكفر وعداوة رسول الله والمؤمنين بالإسلام (يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) أي الذي (٩) مضى من ذنوبهم قبل الإسلام (وَإِنْ يَعُودُوا) إلى كفرهم بالله وقتال رسوله (فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) [٣٨] منهم ومن غيرهم بأن يهلكوا إذا لم يؤمنوا ، قيل : الحربي إذا أسلم لم يبق عليه تبعة قط ، وأما الذمي إذا أسلم يلزمه قضاء حق الآدمي دون حق الله ، وبه احتج أبو حنيفة رحمهالله في المرتد إذا أسلم لم يلزمه قضاء حق الله قبل الردة وبعدها. (١٠)
(وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩))
ثم حث المؤمنين على قتال الكفار المصرين بقوله (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) أي إلى أن لا يوجد فيهم شرك قطعا (١١)(وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ) أي جميعه في الناس (١٢)(لِلَّهِ) ويضمحل عنهم الدين الباطل أينما كان (١٣) ، فلا يكون دين غير دين الإسلام (فَإِنِ انْتَهَوْا) عن الكفر وقتال المسلمين (فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ) بالياء غيبة (١٤)(بَصِيرٌ) [٣٩] فيجازيهم بأعمالهم.
(وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٤٠))
(وَإِنْ تَوَلَّوْا) أي إن أعرضوا (١٥) عن الإيمان (فَاعْلَمُوا) أيها المؤمنون (أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ) أي ناصركم
__________________
(١) عن ابن عباس ، انظر السمرقندي ، ٢ / ١٧ ؛ وانظر أيضا الواحدي ، ١٩٩ (عن مقاتل والكلبي) ؛ والبغوي ، ٢ / ٦٢٨ (عن الكلبي ومقاتل).
(٢) أخذه المفسر عن البغوي ، ٢ / ٦٢٨.
(٣) جمع جزور ، ب س : ـ م.
(٤) نفقتهم في العاقبة ، ب : أي نفقتهم في العاقبة ، م ، نفقتهم ، س.
(٥) تكون ، ب س : يكون ، م.
(٦) وقتلاء ، م : قتلاء ، ب س.
(٧) «ليميز» : قرأ الأخوان ويعقوب وخلف بضم الياء الأولى وفتح الميم وكسر الياء الثانية مشددة ، والباقون بفتح الياء الأولى وكسر الميم وسكون الياء الثانية. البدور الزاهرة ، ١٣٠.
(٨) مجموعا حتى ، ب م : ـ س.
(٩) الذي ، ب س : ـ م.
(١٠) نقله عن الكشاف ، ٢ / ١٦٧.
(١١) قطعا ، ب س : قط ، م.
(١٢) في الناس ، ب س : ـ م.
(١٣) كان ، ب م : كانوا ، س.
(١٤) «يعملون» : قرأ رويس بتاء الخطاب والباقون بياء الغيبة. البدور الزاهرة ، ١٣٠.
(١٥) أي إن أعرضوا ، س : أي أعرضوا ، ب م.