الواو فيها شاذ (وَالرَّكْبُ) مفرد لفظا جمع معنى للراكب ، أي العير التي فيها أبو سفيان وأصحابه من التجار (أَسْفَلَ مِنْكُمْ) أي مكانا أسفل من مكانكم وهو نصب على الظرف ، محله رفع ، لأنه (١) خبر المبتدأ ، وفائدة هذه القيود كلها هي الإخبار عن قوة العدو وشوكته وضعف المسلمين وقلة أسباب الحرب ، وإن غلبتهم في مثل هذه الحالة ليست (٢) إلا بحول الله وقوته وباهر قدرته ، يعني من الله عليكم بتدبير النصر لكم (وَلَوْ تَواعَدْتُمْ) أي أنتم وأولئكم المشركون بالاجتماع للقتال (لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ) لأنهم خرجوا للذب عن العير وأنتم خرجتم لطلب العير (وَلكِنْ) الله جمع بينكم على غير ميعاد (لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً) من إعزاز دينه وإعلاء كلمته (كانَ مَفْعُولاً) أي ثابتا واجبا بتقديره هزيمة الكافرين ونصر (٣) المؤمنين ، ويتعلق قوله (لِيَهْلِكَ) ب «يقضي» أو ب (مَفْعُولاً) ، أي ليموت (مَنْ هَلَكَ) أي من مات بالكفر (عَنْ بَيِّنَةٍ) أي عن حجة (٤) قائمة عليه ، لأنه بين (٥) له الحق مرة بعد مرة (وَيَحْيى) أي ليعيش (٦)(مَنْ حَيَّ) أي من عاش بالإيمان (عَنْ بَيِّنَةٍ) قائمة عليه بظهور الحق له كذلك ، قرئ «حي» بياء واحدة مشددة وبياءين ظاهرتين (٧) على الأصل (وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ) [٤٢] بكفر من كفر وعقابه وبايمان من آمن وثوابه.
(إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلكِنَّ اللهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٤٣))
واذكروا (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ) أي المشركين (فِي مَنامِكَ) يا محمد قبل أن يلتقوا بكم (قَلِيلاً) لتقدموا عليهم (٨)(وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ) أي لجبنتم وتركتم الصف (وَلَتَنازَعْتُمْ) أي اختلفتم (فِي الْأَمْرِ) أي في أمر (٩) القتال (وَلكِنَّ اللهَ سَلَّمَ) أي أنعم بالسلامة من الفشل والتنازع عليكم (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) [٤٣] أي بحقيقة ما في القلوب من المضمرات.
(وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤٤))
واذكروا (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ) أي يبصركم الله إياهم (إِذِ الْتَقَيْتُمْ) أي وقت التقائكم إياهم (فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً) لئلا تجبنوا ولتصديق رؤيا النبي عليهالسلام (وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ) ليقدموا عليكم بقلة المبالاة بكم (لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً) من نصرة المؤمنين وذل الكافرين بالهزيمة والقتل (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) [٤٤] أي عواقب أمور الخلق في الآخرة من إثابة المؤمنين وعقاب الكافرين لا إلى غيره تعالى.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥))
ثم قال تحريضا للمؤمنين على قتال الكفار (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً) أي جماعة من المشركين المحاربين (فَاثْبُتُوا) لقتالهم مع نبيكم (وَاذْكُرُوا اللهَ) ذكرا (كَثِيراً) أي ادعوه بالنصر (١٠) في مواطن الحرب (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [٤٥] أي تظفرون بمرادكم من النصرة فتأمنون (١١) من عدوكم ، والمراد من الكثرة الدوام.
(وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦))
__________________
(١) لأنه ، س : ـ ب م.
(٢) ليست ، ب م : ليس ، س.
(٣) نصر ، ب م : نصرة ، س.
(٤) أي عن حجة ، س : أي حجة ، ب م.
(٥) بين ، ب م : تبين ، س.
(٦) أي ليعيش ، ب م : يعيش ، س.
(٧) «حيي» : قرأ المدنيان والبزي وشعبة ويعقوب وخلف العاشر بياءين الأولى مكسورة والثانية مفتوحة مخففتين ، والباقون بياء واحدة مشددة مفتوحة. البدور الزاهرة ، ١٣١.
(٨) وثوابه واذكروا (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ) أي المشركين (فِي مَنامِكَ) يا محمد قبل أن يلتقوا بكم (قَلِيلاً) لتقدموا عليهم ، ب م : ـ س.
(٩) أي في أمر ، س : أي أمر ، ب م.
(١٠) بالنصر ، ب س : بالنصرة ، م.
(١١) فتأمنون ، ب م : فتأمنوا ، س.