شيء ، وقيل : من (حُورٌ عِينٌ)(١) ، (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ)(٢) ، قال ابن عباس : «لا يعلم معنى الخيرات إلا الله» (٣) ، (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [٨٨] أي الناجون من عذاب الآخرة.
(أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٨٩))
(أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [٨٩] أي الثواب الجزيل.
(وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٠))
(وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ) أي الذين يعتذرون ولا عذر لهم من عذر في الشيء إذا قصر فيه ، وهؤلاء قوم (مِنَ الْأَعْرابِ) كأسد وغطفان جاؤا إلى رسول الله وقالوا إن لنا عيالا وإن بنا (٤) جهدا ، فأذن لنا في التخلف (لِيُؤْذَنَ لَهُمْ) فيه ، فأتوا بالعذر الكاذب وبالغوا فيه (وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) وهم منافقون من الأعراب الذين لم يجيئوا إلى رسول الله ولم يعتذروا فظهر بذلك أنهم كاذبون في ادعائهم الإيمان ، ثم بين حال الفريقين بقوله (سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ) أي من الأعراب (عَذابٌ أَلِيمٌ) [٩٠] أي وجيع في الدنيا بالقتل وفي الآخرة بالنار.
(لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩١))
ثم بين حال القاعدين بالعذر الصحيح بقوله (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ) أي الشيخ الكبير السن والزمن (وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ) في الجهاد (حَرَجٌ) أي إثم في تخلفهم ، قيل : هم مزينة وجهينة وبنو عدرة (٥)(إِذا نَصَحُوا) أي أخلصوا الإيمان (لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) وأطاعوا أمرهما الإخلاص (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ) أي ليس للمعتذرين الناصحين (مِنْ سَبِيلٍ) أي طريق إلى العقوبة أو إلى العيب للعاتب عليهم ، لأن تخلفهم بالعذر (وَاللهُ غَفُورٌ) لهم بتخلفهم عن الغزو ومع نبيهم (رَحِيمٌ) [٩١] بهم بالإذن فيه.
(وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ (٩٢))
(وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ) أي ولا حرج على الذين إذا جاؤوك (لِتَحْمِلَهُمْ) على الجهاد معك (قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا) أي انصرفوا عنك (وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ) أي تسيل (مِنَ الدَّمْعِ) الواو للحال ، و (٦) (مِنَ) فيه للبيان (٧) ، وهو في المعنى نصب على التمييز ، أي تفيض دمعا (حَزَناً) مفعول له ، أي للحزن قوله (أَلَّا يَجِدُوا) أي لأن لم يجدوا (ما يُنْفِقُونَ) [٩٢] في الجهاد ، يتعلق ب (حَزَناً).
قيل : هم ستة نفر من الأنصار (٨) ، وقيل : أبو موسى الأشعري مع أصحابه جاؤا إلى النبي عليهالسلام وطلبوا ما يحملهم عليه ليغزوا معه فلم يكن عنده ذلك ، فرجعوا باكين ، فقال تعالى ليس إلى عقوبة هؤلاء سبيل (٩).
(إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٩٣))
(إِنَّمَا السَّبِيلُ) إلى العقوبة (عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ) في التخلف (وَهُمْ أَغْنِياءُ) أي ذوو سعة للخروج (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ) بالمدينة (وَطَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) أي ختمها بقهره (فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) [٩٣] ثواب الخروج
__________________
(١) الواقعة (٥٦) ، ٢٢.
(٢) الرحمن (٥٥) ، ٥٨ ؛ انظر السمرقندي ، ٢ / ٦٧.
(٣) انظر البغوي ، ٣ / ٩٣.
(٤) وإن بنا ، س : وبنا ، ب م.
(٥) أخذه المصنف عن الكشاف ، ٢ / ٢٠٨.
(٦) أو للحال و ، ب س : ـ م.
(٧) من فيه للبيان ، م : من للبيان ، ب س.
(٨) نقله عن الكشاف ، ٢ / ٢٠٨.
(٩) اختصره من البغوي ، ٣ / ٩٥ ؛ والكشاف ، ٢ / ٢٠٨.