«الكلمة» العدة بالعذاب و (أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) تعليل بتقدير اللام ، أي لأنهم لا يؤمنون.
(قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٣٤))
(قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ) استفهام على سبيل التعجيز للمكابر الراد للحق الذي لا شبهة فيه المعترف بصحته بحسب اقتضاء العقل ، أي هل من معبوديكم (مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ) أي من يقدر على خلق شيء وإنشائه من غير أصل ولا مثال (ثُمَّ يُعِيدُهُ) أي يحييه من بعد (١) الموت كهيئته ، فان أجابوك وإلا فأنت (قُلِ اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) [٣٤] أي من أين تكذبون (٢) أنهم شركاء الله أو تعدلون عن الهدى.
(قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٥))
(قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي) أي يرشد الخلق بالدعوة (إِلَى الْحَقِّ) أي الإسلام ، فاذا قالوا لا ولا بد لهم من ذلك (قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ) أي إلى الإسلام ، يقال هدى له وإليه إذا بين له طريقه (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ) أي أتخبروني ، فمن يدعو ويوفق من كان أهلا للإسلام (أَحَقُّ) أي أولى وأجدر (أَنْ يُتَّبَعَ) فيعمل بأمره وينتهي بنهيه (أم من (لا يَهِدِّي) فيه خمس قراآت ، بفتح الياء وسكون الهاء وتخفيف الدال بمعنى لا يهدي ، وبكسر الهاء بعد الفتح وتشديد الدال ، أصله لا يهتدي أدغمت التاء في الدال فالتقى ساكنان فحرك أحدهما بالكسر ، وبفتح الهاء أيضا وتشديد الدال ، لأن حركة التاء وقعت على الهاء ، وبسكون الهاء بعد الفتح وتشديد الدال ، لأن أصله لا يهتدي بسكون الهاء فأدغمت التاء في الدال وأقيم التشديد مقامه ، وبسكون الياء والهاء اتباعا وتشديد الدال (٣) ، والمعنى : الذي يهدي إلى الحق أحق بالاتباع أم الصنم المعبود الذي لا يتحرك بنفسه لكونه جمادا ولا ينتقل من مكانه إلى مكان آخر (إِلَّا أَنْ يُهْدى) أي بأن ينتقل ، يعني بأن يحمله أحد ويزيله من مكانه ، لأنه لا روح له ولا عقل (فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) [٣٥] أيها الجاهلون بالباطل أن لله شريكا.
(وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ (٣٦))
ثم قال (وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا) أي ما يتبع جميعهم في قولهم إن الأصنام آلهة وإنها تشفع لهم في الآخرة إلا ظنا لم يرد به كتاب ولا رسول أو المعنى : أن إقرارهم بالله ظن ، لأنه قول غير مستند إلى برهان عندهم ، فلذلك يتركون الحق ويتبعون الظن (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي) أي لا يدفع ولا ينفع (مِنَ الْحَقِّ) أي من عذاب الله (شَيْئاً) أو لا يقوم الظن مقام العلم والتحقيق (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ) [٣٦] من عبادتهم الشركاء وتقليد (٤) الآباء.
(وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٣٧))
(وَما كانَ) أي ما صح (هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى) أي يختلق (مِنْ دُونِ اللهِ) ويضاف إلى غيره ف (أَنْ يُفْتَرى) في محل النصب خبر (كانَ) ، أي افتراء بمعنى مفترى (وَلكِنْ) كان هذا القرآن (تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) أي قبله من الكتب كالتورية والإنجيل بمعنى المصدق ، لأنه يصدق ما جاء من أنباء (٥) الأمم الماضية وقصص الأنبياء السابقة (وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ) أي وتبيين أحكامه من الحلال والحرام ، وأكد خبر (كانَ) المضمر الذي دخل عليه (لكِنْ)
__________________
(١) من بعد ، ب س : بعد ، م.
(٢) تكذبون ، ب س : يكذبون ، م.
(٣) «يهدي» : قرأ شعبة بكسر الياء والهاء وتشديد الدال ، وقرأ حفص ويعقوب بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال ، وقرأ ابن كثير وابن عامر وورش بفتح الياء والهاء وتشديد الدال ، وقرأ حمزة والكسائي وخلف بفتح الياء وإسكان الهاء وتخفيف الدال ، وقرأ أبو جعفر بفتح الياء وإسكان الهاء وتشديد الدال ، وقرأ أبو عمرو بفتح الياء واختلاس فتحة الهاء وتشديد الدال ، ولقالون وجهان : الأول كأبي عمرو والثاني كأبي جعفر وكلاهما صحيح. البدور الزاهرة ، ١٤٤ ـ ١٤٥.
(٤) تقليد ، ب س : تقليدهم ، م.
(٥) أنباء ، ب س : أنبياء ، م.