بعضا بأضياف لوط في ارتكاب الفاحشة منهم.
(قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ (٦٨))
(قالَ) لوط لقومه (إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي) وحق على الرجل إكرام ضيفه (فَلا تَفْضَحُونِ) [٦٨] بفضيحتهم.
(وَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ (٦٩))
(وَاتَّقُوا اللهَ) أي اخشوا عقابه (وَلا تُخْزُونِ) [٦٩] أي ولا تخجلوني أو لا تذلوني في ضيفي.
(قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ (٧٠))
(قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) [٧٠] أي عن أن تضيف أحدا من الغرباء وتدفع عنهم من التعرض بهم.
(قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (٧١) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢))
(قالَ هؤُلاءِ بَناتِي) أي بنات قومي أزوجكم (إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) [٧١] أي إن فعلتم ما أقول لكم ، وفيه شك لهم في قبولهم بذكر (إِنْ) ، قيل : إن كل نبي أمته أولاده ، رجالهم بنوه ونساؤهم بناته (١) ، قالت الملائكة للوط عليهالسلام أو قال الله تعالى يا محمد (لَعَمْرُكَ) أي وحيوتك قسم مبتدأ ، خبره محذوف ، تقديره : لعمرك قسمي (إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ) أي حيرتهم وضلالتهم (يَعْمَهُونَ) [٧٢] أي يترددون ، فالمراد منهم أهل مكة ، لأنهم يسمعون هذه العجائب ولا ينفعهم سماعهم بها ، وهم عن جهالتهم بين الخطأ الذي هم عليه وبين الصواب الذي تشير به (٢) عليهم يتحيرون فلا يقبلون منك ، قيل : «ما خلق الله نفسا أكرم عليه من محمد عليهالسلام وما أقسم بحيوة أحد إلا بحيوته كرامة له» (٣) ، والعمر بالفتح والعمر بالضم واحد إلا أنهم خصوا القسم بالمفتوح لإيثار الأخف فيه ، لأن الحلف كثير الدور في ألسنتهم ، ولذلك حذفوا الخبر.
(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (٧٣))
(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ) أي صيحة جبرائيل (مُشْرِقِينَ) [٧٣] أي داخلين في الشروق وهو الطلوع ، يعني حين أضاءت الشمس ، قيل : كان ابتداء العذاب حين أصبحوا وانتهاؤه حين أشرقوا (٤).
(فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (٧٤))
(فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها) الضمير فيهما للقرى ، لأن جبرائيل قلع الأرضين بهم ورفعها على جناحه إلى السماء ثم أهوى بها نحو الأرض ثم صاح بهم صيحة شديدة فأهلكوا (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) [٧٤] أي على شذاذهم من طين مطبوخ مكتوب عليه اسم من يرمى به.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥) وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (٧٦))
(إِنَّ فِي ذلِكَ) أي في إهلاك قوم لوط (لَآياتٍ) أي لعبرات (لِلْمُتَوَسِّمِينَ) [٧٥] أي للمتفرسين العارفين حقيقة سمة الشيء إذا نظروا فيه أو الناظرين نظر عبرة ، قال عليهالسلام : «اتقوا فراسة المؤمن ، فانه ينظر بنور الله» (٥) ، ثم قرأ هذه الآية وهو نور اطلاع الله على القلب المزكى (وَإِنَّها) أي قرى قوم لوط بعد هلاكها (لَبِسَبِيلٍ) أي لفي طريق (مُقِيمٍ) [٧٦] أي ثابت معلوم ليس بخفي ولا زائل فاعتبروا واتعظوا بآثارهم يا أهل مكة إذا ذهبتم إلى الشام.
__________________
(١) أخذه المفسر عن البغوي ، ٣ / ١٣٦.
(٢) تشير به ، ب س : يشتريه ، م.
(٣) عن ابن عباس ، انظر السمرقندي ، ٢ / ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ؛ والبغوي ، ٣ / ٤٠٨.
(٤) نقله عن البغوي ، ٣ / ٤٠٨.
(٥) أخرجه الترمذي ، تفسير القرآن ، ١٦ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٢ / ٢٢٣.