يدخل على ، وآخر من يخرج سوى الأجر والعطية ، وهو معطوف على (نَعَمْ) لكونه سادا مسد الجملة ، فلما اجتمعوا في يوم وعدوه للخروج ، وهو يوم الزينة في الإسكندرية.
(قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (١١٥))
(قالُوا) تأدبا لموسي (يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ) عصاك على الأرض (وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ) [١١٥] آلاتنا التي معنا قبلك فقابلهم موسى بمثل تأدبهم.
(قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (١١٦))
(قالَ) موسى (١)(أَلْقُوا) ما معكم قبلي (فَلَمَّا أَلْقَوْا) ما معهم من الآلات (سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ) أي صرفوها عن إدراك حقيقة صنعهم بالسحر (وَاسْتَرْهَبُوهُمْ) أي ارهبوهم وخوفوهم (وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) [١١٦] أي بسحر تام (٢) عندهم ، وقيل : «كانت السحرة سبعين وعصيهم سبعين وحبالهم سبعين» (٣) في صورة الحيات أمثال الجبال يركب بعضها بعضا ، وكان مكان الإلقاء ميلا في ميل ، فوقعت الهيبة في قلوب الناس منها وفي قلب موسى شيء من الخوف البشرية (٤).
(وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (١١٧))
فقال تعلى (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى) عند ذلك (أَنْ أَلْقِ عَصاكَ) على الأرض ، فألقى عصاه ، فصارت حية عظيمة سدت جميع حياتهم وما فوقها ، وفتحت فاها ثمانين ذراعا (فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ) بسكون اللام وتخفيف القاف ، وبفتح اللام وبشديد القاف (٥) ، أي تبتلع (ما يَأْفِكُونَ) [١١٧] أي الذي يفتعلونه (٦) من الكذب ، ثم قصدت أكل القوم فهلك من الزحام منهم خمسة وعشرون ألفا وقصدت إلى فرعون فنادى يا موسى خذها ، فأخذها موسى فعادت عصا ، فنظرت السحرة قد ذهبت عصيهم وحبالهم جميعا ، فتحيرت في أمر موسى.
(فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١١٨))
(فَوَقَعَ الْحَقُّ) أي فثبت أن الحق مع موسى دون السحرة (وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [١١٨] أي السحرة من السحر ، وقالوا : لو كان موسى ساحرا لبقيت عصينا وحبالنا ، فهذا أمر إلهي لا سحر من آدمي.
(فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ (١١٩) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (١٢٠) قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (١٢٢))
(فَغُلِبُوا هُنالِكَ) أي عند هلاك آلاتهم (وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ) [١١٩] أي صاروا ذليلين بين الناس ، فلما عجزوا في أمرهم وعلموا أن الأمر لله العلي الكبير آمنوا بموسى (وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ) [١٢٠] لله تعالى من سرعة.
(قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ [١٢١] رَبِّ مُوسى وَهارُونَ) [١٢٢] وإنما أوردوا البدل لئلا يظن الناس أنهم أرادوا برب العالمين فرعون بناء على زعمهم ، فظهر عند جميع الناس أنهم أرادوا به رب موسى وهرون ، وهو رب العالمين لا فرعون.
(قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (١٢٣) لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (١٢٤))
(قالَ) للسحرة الساجدين (فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ) بتحقيق الهمزتين بعدهما ألف ، وبتسهيل الثانية بعدها ألف ،
__________________
(١) موسى ، م : ـ ب س.
(٢) بسحر تام ، ب م : سحر تام ، س.
(٣) عن الكلبي ، انظر السمرقندي ، ١ / ٥٦٠.
(٤) البشرية ، م : بشرية ، ب س.
(٥) «تلقف» : قرأ البزي بتشديد التاء وصلا ، وبفتح اللام وبتشديد القاف مطلقا ، وعند الابتداء يخفف التاء ويفتح اللام ويشدد القاف. البدور الزاهرة ، ١٢٢.
(٦) يفتعلونه ، س : تفتعلونه ، س م.