وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٦٢) قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ) (٦٣)
(الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) من الذين أحضروا النار ، ونحوه : (فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) (١) نزلت في رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبي جهل عليه اللعنة (٢) ، أو في عليّ وحمزة وأبي جهل ، أو في المؤمن والكافر ، ومعنى الفاء الأولى أنه لما ذكر التفاوت بين متاع الحياة الدنيا وما عند الله عقّبه بقوله أفمن وعدناه ، أي أبعد هذا التفاوت الجليّ يسوّى بين أبناء الدنيا وأبناء الآخرة ، والفاء الثانية للتسبيب لأنّ لقاء الموعود مسبّب عن الوعد ، وثم لتراخي حال الإحضار عن حال التمتيع (٣) ، ثم هو عليّ كما قيل عضد في عضد شبّه المنفصل بالمتصل.
٦٢ ـ (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ) ينادي الله الكفار نداء توبيخ ، وهو عطف على يوم القيامة ، أو منصوب باذكر (فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ) بناء على زعمهم (الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) ومفعولا تزعمون محذوفان تقديره كنتم تزعمونهم شركائي ، ويجوز حذف المفعولين في باب ظننت ولا يجوز الاقتصار على أحدهما.
٦٣ ـ (قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) أي الشياطين أو أئمة الكفر ، ومعنى حقّ عليهم القول وجب عليه مقتضاه وثبت وهو قوله : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (٤) (رَبَّنا هؤُلاءِ) مبتدأ (الَّذِينَ أَغْوَيْنا) أي دعوناهم إلى الشرك وسوّلنا لهم الغيّ ، صفته (٥) والراجع إلى الموصول محذوف ، والخبر (أَغْوَيْناهُمْ) والكاف في (كَما غَوَيْنا) صفة مصدر محذوف تقديره أغويناهم فغووا غيا مثل ما غوينا ، يعنون أنّا لم نغو إلا باختيارنا ، فهؤلاء كذلك غووا باختيارهم ، لأنّ إغواءنا لهم لم يكن إلا وسوسة وتسويلا ، فلا فرق إذا بين غيّنا وغيّهم ، وإن كان تسويلنا داعيا لهم إلى الكفر فقد كان في مقابلته دعاء الله لهم إلى الإيمان بما وضع فيهم من أدلة العقل ، وما بعث إليهم من الرسل ، وأنزل عليهم من الكتب ، وهو كقوله : (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِ) إلى قوله : (وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ) (٦) (تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ) منهم ومما اختاروه من الكفر (ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ) بل يعبدون أهواءهم ويطيعون شهواتهم ، وإخلاء الجملتين من العاطف لكونهما مقرّرتين لمعنى الجملة الأولى.
__________________
(١) الصافات ، ٣٧ / ١٢٧.
(٢) في (ظ) و (ز) لعنه الله.
(٣) في (ظ) و (ز) التمتع.
(٤) هود ، ١١ / ١١٩. السجدة ، ٣٢ / ١٣.
(٥) في (ز) صفة.
(٦) إبراهيم ، ١٤ / ٢٢.