(وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ (٦٤) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (٦٥) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ (٦٦) فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (٦٧) وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٦٨)
٦٤ ـ (وَقِيلَ) للمشركين (ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ) أي الأصنام لتخلّصكم من العذاب (فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ) فلم يجيبوهم (وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ) وجواب لو محذوف ، أي لما رأوا العذاب.
٦٥ ـ (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) الذين أرسلوا إليكم ، حكي أولا ما يوبخهم به من اتخاذهم له شركاء ، ثم ما يقوله الشياطين أو أئمة الكفر عند توبيخهم ، لأنهم إذا وبّخوا بعبادة الآلهة اعتذروا بأنّ الشياطين هم الذين استغووهم ، ثم ما يشبّه الشماتة بهم من استغاثتهم (١) آلهتهم وعجزهم عن نصرتهم ، ثم ما يبكّتون به من الاحتجاج عليهم بإرسال الرسل وإزاحة العلل.
٦٦ ـ (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ) خفيت عليهم الحجج أو الأخبار ، وقيل خفي عليهم الجواب فلم يدروا بما ذا يجيبون إذ لم يكن عندهم جواب (فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ) لا يسأل بعضهم بعضا عن العذر والحجّة رجاء أن يكون عنده عذر وحجة ، لأنهم يتساوون في العجز عن الجواب.
٦٧ ـ (فَأَمَّا مَنْ تابَ) من الشرك (وَآمَنَ) بربّه وبما جاء من عنده (وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ) أي فعسى أن يفلح عند الله وعسى من الكرام تحقيق ، وفيه بشارة للمسلمين على الإسلام ، وترغيب للكافرين على الإيمان ، ونزل جوابا لقول الوليد بن المغيرة (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) (٢) يعني نفسه أو أبا مسعود (٣).
٦٨ ـ (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ) وفيه دلالة خلق الأفعال ، ويوقف على (وَيَخْتارُ) أي وربّك يخلق ما يشاء وربّك يختار ما يشاء (ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ)
__________________
(١) في (ز) لاستغاثتهم.
(٢) الزخرف ، ٤٣ / ٣١.
(٣) أبو مسعود : هو عروة بن مسعود بن معتب الثقفي ، صحابي مشهور ، كان كبيرا في قومه بالطائف ، دعاهم إلى الإسلام فخالفوه وقتلوه (الأعلام ٤ / ٢٢٧).