أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٦) رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ
____________________________________
(أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) من عباد الأصنام وإنما نسب الإضلال إليها لأنها السبب في ذلك ، فلو لا الأصنام لم يضل الذين عبدوها بهذا النوع من الضلال ، ويتبين من هذا أن عبادة الصنم في ذلك الدور كان شيئا كثيرا حتى أن إبراهيم عليهالسلام تخوف على ولده من الانجراف والانحراف.
(فَمَنْ تَبِعَنِي) من الناس في إيماني وأعمالي ، بأن آمن وعمل صالحا (فَإِنَّهُ مِنِّي) لي ما له وعليّ ما عليه ، وهذا هو المراد من قولنا «فلان من فلان» يعني على لونه ومزاياه ، وإنه مشترك معه في الحكم حسنا أو قبيحا (وَمَنْ عَصانِي) فلم يتبع طريقتي وسبيلي (فَإِنَّكَ) يا رب (غَفُورٌ) ساتر لمعاصي العباد (رَحِيمٌ) بهم ترحمهم وتتفضل عليهم ، ولا يقال أنه كيف قال إبراهيم ذلك مع أن الكفار ليسوا بقابلين للغفران؟ إذ الجواب : أن من عصى أعم من الكافر ، فإنه يشمل المؤمن العاصي ، ولم يقل إبراهيم غفور له في الآخرة ، فإن في الدنيا يرحم الله الكفار ويستر كثيرا من سيئاتهم ، وكأنه عليهالسلام أراد بذلك أن يستعطف الله سبحانه ، بأن يفعل بالعاصي ما يمكن أن يفعله من الغفران والرحمة.
[٣٨] ثم قال إبراهيم عليهالسلام في دعائه (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي) أي جعلت لبعض ذريتي السكن ومحل الاقامة (بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) أي أرض غير مزروعة ، وقد أراد بذلك إسماعيل عليهالسلام حيث أنه جعل