رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (٢) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ
____________________________________
الإتيان بمثله فسيأتي يوم يندمون على كفرهم وتكذيبهم ، ويتمنون أن كانوا مسلمين في الدنيا غير مكذبين ، حتى لا ينالهم العذاب الشديد (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) «ربّ» مشدّدة ، وتخفف كثيرا إذا دخلت على «ما» الكافّة ، وهي لفظة تأتي عقب رب ليصلح دخولهما على الفعل والا فإن «رب» تدخل على الاسم ، فإنها من حروف الجر ، أي ربما يتمنى الكفار الإسلام في الآخرة حيث رأوا عذاب الكافرين ونعيم المسلمين.
قال الإمام الصادق عليهالسلام : ينادي المنادي يوم القيامة يسمع الخلائق أنه لا يدخل الجنة إلا مسلم فثم يودّ سائر الخلائق أنهم كانوا مسلمين (١) ، ثم أن الظاهر كون رب للتكثير أي كثيرا ما يودون ذلك ، فإن الإنسان المعذب يتمنى كثيرا إن كان عمل عملا لا يؤديه إلى هذا العذاب الذي هو فيه ، ولكن لا ينفع التمني والندم هناك.
[٤] إن ذلك تهديد للكفار ، بأن ورائهم هذا اليوم ، ويأتي تهديد آخر ، في صورة الأمر استهزاء (ذَرْهُمْ) أي دع يا رسول الله هؤلاء الكفار ، واتركهم وشأنهم (يَأْكُلُوا) ما شاءوا من الحرام والحلال (وَيَتَمَتَّعُوا) باللذائذ والشهوات ، كما يشتهون من غير ارتقاب العاقبة وعدم النظر إلى متعتهم هل هي جائزة أو محظورة (وَ) ذرهم (يُلْهِهِمُ الْأَمَلُ) من «ألهاه» بمعنى أشغله ، و «الأمل» توقع سعادة الدنيا في المستقبل ، أي تشغلهم آمالهم الدنيوية الزائلة عن التفكر في مصيرهم في الآخرة ،
__________________
(١) تفسير العياشي : ج ٢ ص ٢٣٩.