جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ (٧٠)
____________________________________
أوعيتهم بالطعام ، وجعل لكل واحد منهم حمل بعير ، أمر بعض غلمانه حتى (جَعَلَ السِّقايَةَ) أي الصاع الذي كان يكال به ، وأصل السقاية اسم للإناء الذي يسقي به (فِي رَحْلِ أَخِيهِ) أي في متاع بنيامين ، وإنما أضاف سبحانه «جعل السقاية» إليه ، لأنه كان هو الآمر بذلك (ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ) الآذان هو الاعلام ، أي أعلم قائلا (أَيَّتُهَا الْعِيرُ) أي القافلة (إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) قد سرقتم سقاية الملك ، أقول ليس في الآية دلالة على أن يوسف هو الذي أمر بهذا النداء ، فإنه عليه السّلام أمر بدس الصاع في رحل بنيامين وكان أمره هذا خفية حتى لا يظهر أحد عليه ، ومن الطبيعي أن يتفحص الحاشية عن المفقود ويتهموا بعض الناس بالسرقة ، ولم يكن الاتهام منكرا يعلم الفاعل بكونه منكرا ، حتى يجب النهي عنه ، فيقال : كيف لم ينه يوسف عليهالسلام عن المنكر؟ لما تقرر من أن النهي عن المنكر إنما هو مع علم الفاعل بكونه منكرا ، أما إذا لم يعلم فليس ذلك بواجب ، نعم يجب في الأحكام من باب إرشاد الجاهل ، وليس الاتهام حكما وإنما هو موضوع ، وهناك سؤال أنه كيف يجوز للإنسان أن يعمل عملا يدخل الغم والحزن على جماعة؟ والجواب أن الإيذاء لا يجوز أما إذا صنع الإنسان صنعا مباحا يتأذى به الغير فإن ذلك جائز ، ألا ترى أن من يبني دارا وسيعة ، أو يؤلف مؤلفا جيدا ، أو يتولى منصبا مرموقا ، يكثر حساده ويدخل عليهم الغم حتى أن بعضهم لا ينام الليالي ولا يستقر الأيام ومع ذلك فهو جائز بل قد يستحب أو يجب ، وقد كان حفظ يوسف لبنيامين لديه جائزا ، وربما يقال : فما كانت المصلحة في أن