وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٣) ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (٣٤)
____________________________________
[٣٣] (وَ) جعلني (بَرًّا) أي بارا (بِوالِدَتِي) مريم الطاهرة (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً) متجبرا طاغيا (شَقِيًّا) من الأشقياء ، فإني بلطفه وكرمه كنت هكذا ، وليس معنى ذلك أن الله يجعل الجبابرة الأشقياء كذلك ، بل إن الله سبحانه يتركهم ، إذا رأى منهم الانحراف ، حتى يضلهم الشيطان ، وترديهم النفس الأمارة بالسوء.
[٣٤] (وَالسَّلامُ) أي السلامة من العاهات الجسمية والروحية (عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ ، وَيَوْمَ أَمُوتُ) بعد ما ما أنزل من السماء (وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) في القيامة ، وقد مر وجه ذلك في قصة يحيى عليهالسلام.
[٣٥] وإذ أتم السياق قصة عيسى عليهالسلام ، فيما هو محل الحاجة ، عطف على النصارى الذين يقولون إنه الله ، أو ابن الله أو شريك الله ، واليهود الذين يقولون فيه السوء ، فقال سبحانه (ذلِكَ) الذي تقدم أحواله (عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) الذي جاء إلى الدنيا ، وكان صاحب شريعة ، ثم رفع إلى السماء (قَوْلَ الْحَقِ) أي أقول قول الحق ، أو خذه قول الحق (الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) أي يشكّون ، فزعمت اليهود أنه لغير رشده ، وكان ساحرا كذابا ، وزعمت النصارى أنه ابن الله ، وأمه ثالث الأقانيم ، فإن كلا القولين باطل ، لا يدل عليهما دليل ، بل العقل دل على خلاف هذين القولين الزائفين ، وقوله «يمترون» من المرية ، وهو الشك وإنما سمي شكا مع أنهم بحسب الظاهر يوقنون بذلك ، لأن ما خالف الواقع كان بالشك أشبه.